جمعية آدم لسرطان الطفـولة

Adam Childhood Cancer Society

حول سرطان الطفولة حول أنواع الأورام معالجات السرطان العناية الداعمة الرئيسية

 


 

مقـدمـة

 

        ابيضاض الدم النخاعي الحاد أو اللوكيميا النخاعية الحادة ( Acute myelogenous leukemia ) عند الأطفال، هو مرض ورمي يصيب أنسجة صنع الدم بالنخاع العظمي، حيث تتسرطن الخلايا الأولية التي تتطور لتنتج الخلايا غير الليمفاوية بكريات الدم البيضاء، و تظهر بأعداد كبيرة في النخاع العظمي و الدم كخلايا سرطانية قادرة على الانتقال، و يُعد هذا النوع من اللوكيميا أقل شيوعا من النوع الليمفاوي، و إن كانت اللوكيميا بذاتها من أكثر أورام الدم شيوعا لدى الأطفال، و أكثر أنواع الأورام انتشارا بينهم.

     و ابيضاض الدم مرض معقد بأنواع و تفرعات متعددة، و تختلف المعالجات و حالات المرضى اختلافا كبيرا تبعا لنوع المرض و العوامل المختلفة لكل شخص، و سنتحدث في هذا المقال عن اللوكيميا بصفة عامة مع تخصيص الحديث عن النوع النخاعي عند الإشارة إلى التصانيف و مراحل المعالجات و بعض الخواص المميز.

و يلزمنا في البداية، و لفهم تنوعات هذا المرض، الإلمام ببعض المعلومات الأساسية عن الجهاز الدوري و الليمفاوي.

 

 

 

 

الـدم و الجهـاز الليمفـاوي

النخـاع العـظمي

     النخاع العظمي هو النسيج الإسفنجي اللين، و المسمى بالنخاع الأحمر، و المتواجد داخل جزء العظام المعروف بالعظم الإسفنجي ، و الذي تتمثل وظيفته الأساسية في إنتاج خلايا الدم، و يتكون من شبكة متكاملة من الأوعية الدموية و الأنسجة المحاطة بالدهون و خلايا المنشأ ( Stem cells ) التي تتحول لكريات الدم المختلفة في مراحل نضجها النهائية، إذ تنقسم لتكوّن خلايا منشأ جديدة، أو تنمو و تكبر بعملية تناسقية طبيعية محسوبة لتكوّن خـلايا الـدم، من كريات الـدم الحمراء ( التي تحمل الأكسجين و بعض المواد الحيوية إلى كافة خلايا الجسم )، و كريات الـدم البيضاء ( التي تدافع عن الجسم ضد الأجسام الغريبة و تكافح العـدوى )، و الصفائح الدموية ( التي تتجلط لتمنع نزف الدم عند الجروح أو القطوع )، و يتواجد النخاع العظمي في كل العظام تقريبا عند الأطفال الرُضّع، بينما و قبيل سن البلوغ يتواجد غالبا في العظام المسطحة، مثل عظم الجمجمة و عظم الأكتاف و الضلوع و عظام الحوض و المؤخرة.

الـدم

        يتركب الدم من البلازما و أنواع مختلفة من الخلايا، و تتكون البلازما بدرجة كبيرة من الماء و مركبات كيميائية متعددة، مثل البروتينيات و الهرمونات و المعادن المختلفة و الفيتامينات، بينما تشمل خلايا الدم كريات الدم البيضاء و الحمراء و الصفائح الدموية.

كريات الدم الحمراء

     و هي التي تعطى الدم لونه الأحمر و تكون تقريبا نصف حجمه و تحتوي علي بروتين الهيموجلوبين الذي يحمل الأكسجين من الرئة إلى مختلف أنسجة الجسم و يحمل ثاني أكسيد الكربون بالمقابل، و نقص الكريات الحمراء أو الهيموجلوبين يؤدي إلى نشوء فقر الدم ( الأنيميا ).

كريات الدم البيضاء

      و هي الأداة الأساسية في الجهاز المناعي بالجسم، إذ تدافع عن الجسم و تكافح العدوى، بمهاجمة الأجسام الغريبة، مثل البكتيريا أو الفطريات أو الفيروسات أو الجراثيم المختلفة، أو أية أجسام غريبة تدخل الجسم إضافة إلى الخلايا المتسرطنة، و ثمة عدة أنواع و تصانيف من كريات الدم البيضاء، و الأنواع الرئيسية الثلاث هي :

الخلايا الليمفـاوية ( lymphocytes )

       و تنقسم إلى ثلاثة أنواع: الخلايا البائية ( B lymphocytes )، الخلايا التائية ( T lymphocytes )، و الخلايا المُبيدة بطبعها   ( Natural Killer cells NK )، و هي تتكامل معـاً كجزء مهم جدا في الرد المناعي، فالخلايا البائية تساعد في مكـافحة البكتيريا و بعض الكائنات الغريبة، و ذلك بإنتاج ضدّيات الجسيمات الغريبة ( antibodies ) أو الأضداد، و التي بدورها تعمل كدليل أو سِمة للكائنات المستهدفة، إذ تلتصق ببروتينات معينة تتواجد على سطوحها تسمى بمولدات المضادات ( antigens ) فتسِمها و تعلّمها مما يجذب نحوها الأنواع الملتهمة من خلايا الجهاز المناعي، التي تقوم بابتلاعها، كما تجذب نوعا من بروتينات الدم التي تدمر هذه البكتيريا بإحداث ثقوب في جدار خلاياها.

بينما تساعد الخلايا الليمفاوية التائية في الحماية من الفيروسات، حيث يمكنها تمييز مواد كيماوية معينة، تتواجد على السطح الخارجي للخلايا المصابة بعدوى فيروسية، فتقوم بتدميرها بأن تفرز مواداً خاصة تذيب الغشاء الخارجي لهذه الخلايا، كما أنها تفرز مواداً تنظم ردود فعل الجهاز المناعي تسمى المثيرات الخلوية ( cytokines )، تستنهض أنواعا أخرى من خلايا كريات الدم البيضاء لتهاجم الخلايا المصابة، و يعتقد أن الخلايا التائية تقوم بمهاجمة و تدمير بعض أنواع الخلايا السرطانية بنفس الطريقة، إضافة إلى مهاجمتها لخلايا الأنسجة المزروعة بالجسم، ( لذلك يتلقى المرضى ممن أجريت لهم عمليات زراعة الأعضاء، أدوية خاصة لإحباط رد فعل الخلايا التائية ).

الخلايا الحُبيبية ( granulocytes )

    و هي تنقسم إلى ثلاثة أنواع فرعية، الخلايا القاعدية ( Basophils ) و الخلايا الحَمِضة ( Eosinophils ) و الخلايا المتعادلة و تسمى أيضا بالعَدلات ( النيتروفيل neutrophils )، و يتم التمييز بينها من حجمها و لـون الحبيبات الظاهرة بداخلها تحت المجهر، و هذه الحبيبات تقوم بدور رئيسي في تفتيت كيميائيات خلايا الكائنات المهاجمة للجسم، و بطبيعة الحال تمرّ الخلايا الحُبيبية بعدّة أطوار لتنمـو و تنضج من خـلايا نخاعية أوليّة إلى خلايا بالغة قادرة على المدافعة، و هي تكـافح خصوصا العـدوى البكتيرية و الالتهابات و أعراض التحسس، و تبقى بالدورة الدموية لفترة قصيرة نسبيا تتراوح بين عدة ساعات إلى عدة أيام.

الخلايا الأحادية ( monocytes )

   و هي تحطم الأجسام الغريبة و تتحول إلى خلايا ملتهمة عند الحاجة، و التي بدورها تلتهم الكائنات الغريبة و تساعد الخلايا الليمفاوية في تمييزها و إنتاج ضدّيات الجسيمات الغريبة.

 

 

 

 

الصفـائح الدمـوية

   و تتكون في الواقع من جزيئات تشبه الخلايا ناتجـة عن تفتت نـوع من خـلايا النخاع العـظمي تُعرف بالخـلايا النقـبية الضخـمة ( megakaryocyte )، و التي تتحول إلى صفائح دموية،  و تُصنف عادة ضمن خلايا الدم، و تكمن أهميتها في وظيفتها كجزء من آليات الحماية بالدم، و لدورها الرئيسي في تكوين التجلطات و حماية الأنسجة المختلفة من النزف، برتقها و إغلاقها لمواضع الجروح أو القطوع بالجسم.

 

 

 

 

 

الجـهاز الليمفـاوي

       و يتركب الجهاز الليمفـاوي من الأوعية الليمفـاوية التي تشبه الأوردة الدموية، و تتفرع إلى كل أجزاء الجسم و يمر عبرها السـائل الليمفـاوي، و هو سائل عديم اللـون يحمل إفرازات الخـلايا الزائدة و مخلفاتها و خلايا جهاز المناعة، و شبكة الأوعية الليمفـاوية تتجمع في غدد عضوية صغيرة تسمى الغدد الليمفاوية، التي بدورها تتواجد بمجموعات في مناطق مختلفة من الجسـم، مثل الإبطين و الرقبـة و التجويف البطني، ( كما يعتبر الطحال و اللوزتين و الغدة الصعترية ضمن غدد الجهاز الليمفاوي المهمة )، و تخزن هذه الغدد الخلايا الليمفاوية ( Lymphocytes ) التي تعتبر الخلايا الرئيسية في النسيج الليمفاوي.

يُرجى الانتقال لصفحة العلاج المناعي لمزيد من التفاصيل حول الخلايا الليمفاوية و الجهاز الليمفاوي.

 

 

مـاذا يحدث عند ابيضاض الدم

        يتحكم النخاع العـظمي في إنتاج خلايا الـدم، و لدى نشوء تسرطن اللوكيميا، تخرج عملية الإنتاج عن مسـارها الطبيعي، و يبدأ النخاع في إنتاج خلايا شاذة من أحد أنواع خلايا الكريات البيضاء، حيث تفقد بعض من هذه الخلايا الآلية التي تتحكم في نسق نمـوها و نضجها،  فبدلاً من أن تنضج و تصبح بالغة و قادرة على أداء وظائفها، تبقى غير ناضجة و تتزايد بأعداد هائلة و باستمرار و في نفس درجة النضج القاصرة التي بلغتها، و لا تموت في موعد انتهاء دورتها الحياتية، و تنقلب إلى خلايا ورمية شاذة، و من ثم تنتشر إلى الدورة الدموية و الجهاز الليمفاوي، و يمكن أن تتجمع كذلك في الأنسجة الليمفاوية مكونة تضخما سرطانياً، و بالمحصلة تحتشد هذه الخلايا السرطانية في النخاع مانعة إنتاج خلايا الدم الأخرى، و بالتالي تؤدي إلى حدوث عجز و نقص بتعدادها بالجسم مما يؤثر على وظائفها المختلفة، و كما هو معروف تلعب خلايا الكريات البيضاء الدور الأساسي ضمن مجمل الجهاز المناعي، و من المفترض أن تحمى الجسم من العدوى و الأجسام الغريبة بما في ذلك الخلايا السرطانية مختلفة الأنواع، و من المفارقات أنها أيضا عرضة للتسرطن بدورها.

و عند الحديث عن اللوكيميا يُستخدم تعبير ( بلاست Blast ) أي الأوليّات، للإشارة باختصار لكرات الدم البيضاء الشاذة، و ثمة بلاست طبيعي أي خلايا حديثة الولادة في طريقها إلى النضج حسب الآلية الطبيعية، و هذه عادة تكََون أقل من 5 % من مجموع الخلايا التي ينتجها النخاع و لا تظهر عادة بالدورة الدموية، أما البلاست اللوكيمى فهو الشاذ غير الطبيعي حيث تبقى الخلايا الحديثة الولادة صغيرة، غير ناضجة، غير بالغة و يتوقف نموها عند حد معين بأحد أطوار نموها، و تتزايد أعدادها زيادة مفرطة و بالتالي تشذ عن المسار الطبيعي، و يمكن أن تتواجد بأعداد كبيرة في الدورة الدموية كما يمكن تمييزها تحت المجهر و تصنيفها بسهولة.

      عند ظهور أعداد هائلة من الخلايا الشاذة ( اللوكيمية ) بالنخاع تحدث تأثيرات متتالية و متلاحقة و بمختلف الاتجاهات، حيث يؤدى تكدسها في النخاع إلى طغيانها على باقي الخلايا الطبيعية التي يتم إنتاجها، و تشغل حيزا كبيرا داخل النخاع مما يعيق و يمنع إنتاج الكريات الدموية الحمراء و الصفائح الدموية و كريات الدم البيضاء الطبيعية، و تتطور أعراض مختلفة على الطفل تشير بوضوح إلى أن خلايا الدم الطبيعية لا يتم إنتاجها بأعداد كافية، و بالتالي حدوث قصور في أداء وظائفها نتيجة نقصها، فعند النقص في إنتاج كريات الدم الحمراء، يصبح الدم ( خفيفا ) مما يجعل الطفل شاحبا و متعبا على الدوام و يشعر بالضعف، لأن الدم لا يحمل الأكسجين الكافي إلى القلب و الرئتين و العضلات و مختلف الأعضاء، و يُعاني الطفل من أعراض فقر الدم، و عند نقص الصفائح الدموية يتعرض الطفل للنزف الدموي و أحيانا دون مبرر واضح و دون جروح ( نزف من الأنف أو اللثة مثلا ) أو وجود كدمات غير مبررة، و تظهر أعراض عوز الصفائح الدموية، بينما عند نقص الكريات البيضاء البالغة السليمة، سيفقد الجسم مناعته الطبيعية، حيث لا تتوفر أعداد كافية من الخلايا الطبيعية و المختصة بمكافحة الفيروسات و البكتيريا و الأجسام الغريبة، و يتعرض الطفل لمختلف أنواع العدوى بسهولة، و التي قد تودي بحياته في وقت قصير، و تظهر أعراض عوز الكريات البيضاء.

      و يمكن أن تفيض خلايا اللوكيميا الشاذة و تنتشر من النخاع إلى الدورة الدموية و الجهاز الليمفاوي، و يظهر تعداد كريات الدم البيضاء مرتفعا، و قد تنتقل إلى أعضاء حيوية أخرى بالجسم مثل الغدد الليمفاوية و الطحال و الكبد و الجهاز العصبي المركزي و الدماغ، لتستقر و تنمو و تتطور هناك مثلما يحدث في النخاع، كما يمكن أن تبدأ أنواع أخرى من السرطان في هذه الأعضاء ثم تنتقل إلى النخاع العظمي، و بطبيعة الحال لا تٌعد مثل هذه الخلايا الورمية المنتقلة للنخاع ضمن أنواع اللوكيميا.

    و تجدر الإشارة إلى أنه و في حالات نادرة قد يظهر الورم اللوكيمي النخاعي كورم صلب، يسمى بالورم الغرني الحُبيبي المنعزل ( Isolated granulocytic sarcoma  ) أو اللوكيميا الخضراء  ( chloroma  ).

 


 

 

 

 

أنواع اللـوكيميا عند الأطفـال

 

     اللوكيميا متعددة الأنواع، إذ ثمة تسرطن لكل مكونات كريات الدم البيضاء و تفرعاتها، و عند الشخص الواحد لا تصيب إلا نوعا واحدا من هذه الخلايا ( إلا فيما ندر )، و تشمل الأنواع الأكثر شيوعا :

    اللوكيميا الليمفـاوية ( lymphocytic leukemia )، (  ليمفوبلاستيك أو ليمفويد ) حيث ينشأ التسرطن بالخـلايا الليمفـاوية ( و الأكثر شيوعا هو تسرطن الخلايا البائية ، و بنسبة أقل الخلايا التائية ).

و اللوكيميا النخاعـية (myelogenous leukemia  ) أو غير الليمفاوية أو الحُبيبية (  مايلوبلاستيك أو مايلويد ) حيث ينشأ التسرطن عادة بخلايا المنشأ التي تتطور إلى الخلايا المتعادلة، إحدى أنواع الخلايا الحُبيبية، أو ينشأ بالخلايا الأحادية، و في حالات نادرة تتسرطن خلايا المنشأ التي تتحول إلى كريات الدم الحمراء و خلايا النخاع التي تتحول إلى صفائح دموية.

        و قياسا إلى مدى نضج أغلب خلايا اللوكيميا بالجسم و تماثلها مع الخلايا الطبيعية، إضافة إلى سرعة تكاثرها و تطورها ( أو عدوانيتها )، يتم تصنيفها إلى حادة ( Acute )، و مزمنة (  Chronic).

حيث عند اللوكيميا الحادة تكون الخلايا الشاذة قاصرة عن النضج، و تبقى غير بالغة و تستمر في التكاثر و الإحتشاد بالنخاع و تندفع في تطورها بسرعة متزايدة، دون أن تفنى حسب الآلية الطبيعية لدورة حياة الخلايا الطبيعية، أما عند اللوكيميا المزمنة ( النادرة لدى الأطفال )، فيمكن لهذه الخلايا أن تنضج، إلا أنه و رغم مظهرها الذي يتماثل مع مظهر الخلايا الطبيعية البالغة إلا أنها ليست ناضجة و لا بالغة كلياً، و لا تؤدي وظائفها المناعية كما تفعل خلايا الكريات البيضاء، و فرط إنتاجها و تكاثرها لا يُعد المشكلة الرئيسية هنا ( عكس اللوكيميا الحادة )، و إنما المشكلة أن خلاياها تعيش أطول من الخلايا العادية مما يؤدي إلى احتشاد أعداد كبيرة من الخلايا البالغة سواء الحُبيبية أو الليمفاوية، إضافة إلى بطء اندفاعها، و يبقى النخاع من جهته قادرا على إنتاج عدد جيد من خلايا الدم الطبيعية لفترة طويلة، و في هذه الحال و للفترة الزمنية الطـويلة لتطورها ببطء تعتبر اللوكيميا المزمنة اقل خطـورة نسبيا من الحـادة، و إن كان خطر التغير في سرعة تطورها ( تبعا لمرحلتها ) يظل قائما مع إحتمال تحولها إلى النوع الحاد.

اللوكيميا الليمفاوية الحادة :  ( acute lymphocytic leukemia ALL ) و تُعد الأكثر شيوعا بين الأطفال، إذ تبلغ نسبتها قرابة 75 إلى 80 % من مجمل حالات اللوكيميا، و عادة تصيب الأطفال بين الثانية و الثامنة من العمر، كما تظهر عند البالغين، و لأسباب غير معروفة تظهر لدى الذكور بنسبة أكبر من الإناث.

اللوكيميا النخاعـية الحادة :  ( acute myeloid leukemia AML )، و تظهر غالبا لدى أشخاص بالسن ما فوق الخـامسة و العشرين، إلا أنها تظهر عند الأطفال و المراهقين، و إن كانت أقل شيوعا و تبلغ نسبتها حوالي 20 % من مجمل الحالات.

اللوكيميا النخاعـية المزمنة :  ( Chronic myelogenous leukemia CML ) و هي نادرة جدا لدى الأطفال، إذ تبلغ نسبتها أقل من 2 % من مجمل حالات اللوكيميا، و ما يميزها عند بعض الحالات هو وجود عدد كبير من الخلايا المتعادلة اليافعة غير مكتملة النمو، و التي تبدو قادرة على النضج أكثر من الخلايا الأوليّة، إضافة إلى وجود صبغي مختل يُعرف بصبغي فيلادلفيا (  Philadelphia chromosome  ) عند أكثر من 90 % من الحالات، و من ناحية أخرى تتغير سرعة تطور هذا النوع بشكل كبير عند بعض الحالات، و قد تتحول أحيانا إلى النوع الحاد.

اللوكيميا الليمفاوية المزمنة :  ( Chronic lymphocytic leukemia CLL ) و هي نادرة جدا عند الأشخاص ما دون الأربعين، و قد لا تظهر أعراض مصاحبة في مراحلها المبكرة و من غير المعتاد معالجتها بهذه المراحل، و إن كان المرضى يبقون تحت المراقبة مخافة تطورها، و من الغريب لدى هذا النوع أن الإحصاءات الطبية تشير إلى وجود نسبة خطر تبلغ 1 : 4 لإصابة الأقارب من الدرجة الأولى للمرضى.

    و تجدر الإشارة إلى انه و في حالات نادرة تكون الخلايا المتسرطنة غير مميزة و صعبة التصنيف و تدعى في هذه الحال باللوكيميا غير المتمايزة ( undifferentiated )، حيث تظهر عند المريض كل من مميزات اللوكيميا النخاعية و الليمفاوية في آن معا، و قد تظهر الخواص النخاعية و الليمفاوية بنفس الخلايا المتسرطنة، أو تحمل بعض الخلايا المتسرطنة خواص اللوكيميا النخاعية و يحمل بعضها الآخر خواص اللوكيميا الليمفاوية، و يُعد تصنيف مثل هذه الحالات صعبا و مثيرا للجدل بين المدارس الطبية، و قد تسمى أحيانا باللوكيميا الليمفاوية الحادة بمؤشرات نخاعية، أو العكس أي اللوكيميا النخاعية الحادة بمؤشرات ليمفاوية، أو تسمى باللوكيميا ثنائية النمط ( biphenotypic ).

 


 

 

 

 

حـول نشوء السرطان

 

    يلزمنا لفهم كيفية نشوء الخلايا السرطانية، الإلمام ببعض المعلومات الأساسية عن الخصائص الوراثية و المورثات ( genes )، فالمورث عبارة عن جزء من الحمض الريبونووي ( deoxyribonucleic acid DNA ) يحمل خصائص وراثية معينة و لديه وظيفة حيوية محددة، و كمثال تحدد المورثات لون العينين و البشرة، أو فئة الدم، و هذا الحمض هو المادة الكيميائية التي تحمل التعليمات الموجهة لنظام و دورة حياة الخلايا، و يقوم بالتحكم في كل نشاطاتها، و يُعد نوع التغيرات الشاذة في الحمض النووي للمورثات العامل المؤثر في تحديد نوع المرض الذي قد يصيب الإنسان، و المورثات هي أجزاء من الصبغيات ( chromosomes )، التي من الممكن تشبيهها بشريط خيطي مظفـور من الحمض النـووي، يحتوي على الآلاف من المـورثات تصطف على امتداده، و ينتظم الحمض النووي بدقة في 23 زوجا من الصبغيات، يرث الإنسان النصف من كل زوج عن أحد الوالدين.

      و من جهة أخرى قد يرث المرء بعضا من التغيرات الشاذة ( أو الأعطاب ) بالحمض النووي عن والديه، الأمر الذي يفسر ظهور بعض العلل بشكل شائع لدى بعض العائلات، و تسمى هذه التغيرات بالتحورات أو التبدلات الجذرية للبُنية ( mutations )، و التي تنشا أيضا لأسباب غير مفهومة و غير مبررة أسوة بصور الإختلال الأخرى التي تصيب هذا الحمض، و التي يمكن تلخيصها في النقاط التالية :

  • شرود للصبغيات و تبادل المواقع ( Translocation ) بين جزأين من الحمض النووي، أي أن مقطعا من الحمض النووي بصبغي معين يشرد ملتحقا بصبغي مختلف و غير متماثل معه، و هذا الاختلال على وجه الخصوص يُعد مسئولا عن نشوء بعض أنواع اللوكيميا حيث يظهر التبادل بصبغيات مختلفة عند كل منها.

  • الانعكاس أو الانقلاب ( inversion ) مما يعني أن جزءا من صبغي ما تراكب بشكل مقلوب و ظل منعكسا إلا انه لا يزال مرتبطا بنفس الصبغي.

  • الإضافة ( addition ) أي أن جزءا من صبغي ما ( أو الصبغي بكامله ) قد تضاعف و تتواجد منه  نسخ كثيرة بالخـلية، و يُشار إليه برقم الصبغي مع إشارة موجبة ( + 7 مثلا ).

  • الفقدان أو المحو ( deletion ) لبعض من مقاطع حمض نووي بصبغي معين، و يشار إليه برقم الصبغي مع إشارة سالبة، فمثلا -7 تعني أنه ثمة جزء مفقود من الصبغي السابع.

      و ثمة أنواع متعددة و كثيرة جدا من المورثات، و لكل منها وظائف حيوية و خصائص وراثية محددة، و يحتوي بعضُ من أنواعها على التعليمات و الشفرات الوراثية التي تتحكم في آلية النمو و الانقسام، و بالتالي التضاعف و التكاثر لإنتاج خـلايا جديدة، و من هذه مورثات معينة تحث و تُعدل عمليات انقسام الخلية، و تسمى اصطلاحًا بطليعة المورثات الورمية ( Proto-oncogenes )، و مورثات أخرى تُبطيء و تكبح الانقسام و التكاثر، أو تُعطي التعليمات للإفناء الذاتي للخـلية عند الحاجة، و تسمى بالمورثات الكـابحة للتـورم ( Tumor suppressor genes ).

و من هنا يمكن أن تتسرطن الخلايا الطبيعية عند حدوث أي من أنواع الاختلال المذكورة ببُنية الحمض النووي، و التي تدفع بدورها ( بشكل مباشر أو غير مباشر ) إما إلى تشغيل طليعة المورث الورمي دون ضوابط ( مما يُفقـده القدرة على التحكم في نمو الخلية و تكاثرها متحولاً بذلك إلى مورث ورمي ( oncogene ) نشط قابل لتحفيز النمو الورمي )، أو تؤدي إلى إحباط عمل المورثات الكابحة للتورم، و ينتهي الأمر بنشوء ورم سرطاني.

و من المهم معرفة أنه و عدا عن الإختلالات الوراثية التي تزيد من نسبة الخطر لنشوء بعض الأورام ( و الأمر ليس حتميا البتة )، لا يعرف العلماء الأسباب الحقيقية و المؤكدة التي تؤدي إلى حدوث أنواع الاختلال بالحمض النووي، ( أو التي تقدح الزناد ) و التي تؤدي إلى تسرطن الخلايا الطبيعية و نشوء الأورام.

و فيما يتعلق باللوكيميا يمكن القول أنها تنشأ عن اختلال مكتسب و عارض ( أي غير موروث ) يصيب الحمض النووي لخلية مفردة بالنخاع العظمي.

 


 

 

 

 

حول عوامل الخطورة لنشوء إبيضاض الـدم

      

      يُشير تعبير عوامل الخطورة ( Risk factors ) إلى العوامل و الظروف المؤهبة التي تزيد من احتمال العُرضة لأي مرض، مثل السرطان، عند أي شخص، و ثمة عوامل خطورة لكل نوع من الأورام، و قد تتضمن عوامل خطورة وراثية أي ترتبط بخصائص المورثات، إضافة إلى عوامل ترتبط بالبيئة أو نمط المعيشة و الظروف الحياتية، و رغم أن العوامل المتعلقة بنمط المعيشة مثل التدخين و التغذية السيئة أو تعاطي المسكرات أو ظروف العمل ( مثل التعرض المستمر للكيماويات )، تُعد من العوامل المهمة لدى العديد من أورام البالغين، ( و ذلك لا يعني أن الإصابة بالسرطان هي حتمية مع وجود هذه العوامل )، إلا أن تأثيرها معدوم أو ضعيف عند التطرق لأورام الأطفال.

و نتعرض في الفقرات التالية لبعض عوامل الخطورة لنشوء اللوكيميا :

عـوامل الخطورة المتعـلقة بالبيئة

        يقصد بعوامل الخطورة البيئية جميع المؤثرات الضارة الموجودة بالبيئة، و التي تؤثر على الظروف الحياتية الطبيعية، ( مثل التعرض للإشعاع أو الكيماويات السامة أو التلوث ) و التي تزيد من نسبة الخطر للإصابة بالأمراض المختلفة مثل اللوكيميا، و فيما يلي لمحة عن بعض هذه المؤثرات:

التلوث الإشعـاعي : يُعد التعرض للتلوث الإشعاعي و الكوارث النووية احد اكبر عوامل الخطر للإصابة باللوكيميا، و تُعد حالات الناجين من القنبلة الذرية باليابان أوضح دليل على ذلك، إذ ترتفع نسبة المصابين بينهم ( خلال 6 إلى 8 سنوات عقب الانفجار ) إلى أكثر من عشرين ضعفا و خصوصا الإصابة باللوكيميا النخاعية، و تظهر نفس النسبة تقريبا عند المتعرضين للإشعاع عقب حوادث المفاعلات النووية بالعقود الماضية، كما أن تعرض الأجنّة لإشعاع مكثف خلال الأشهر الأولى للحمل يزيد نسبة الخطر إلى خمسة أضعاف للإصابة باللوكيميا الليمفاوية.

المجالات الكهرومغناطيسية عالية التوتر : تتضارب نتائج الدراسات و تتعارض حول مدى تأثير التعرض للمجالات الكهرومغناطيسية عالية التوتر، مثل السكن قرب خطوط الكهرباء عالية الفولتية، و مدى اعتبارها ضمن عوامل الخطورة الرئيسية للإصابة باللوكيميا، و تشير معظم الدراسات المنشورة حتى الآن إلى عدم زيادة نسبة الخطر كلياً، أو وجود نسبة ضئيلة كإحتمال قائم، و نشير إلى أن الإحصاءات الطبية تؤكد على أن معظم حالات اللوكيميا غير مرتبطة بالتعرض للمجالات الكهرومغناطيسية.

الكيماويات : يُعد التعرض المستمر للكيماويات ( بما في ذلك البنزين ) أحد عوامل الخطورة عند البالغين لنشوء اللوكيميا النخاعية الحادة، إلا انه لا يُعد كذلك و بنفس القدر عند الأطفال ( عدا بنسبة ضئيلة جدا )، و لم تربط أية دراسات طبية بين اللوكيميا الليمفاوية الحادة و بين أي كيماويات مسببة للسرطان.

      و قد تم نشر نتائج دراسات متعددة حول مختلف العوامل المحتملة، دون أن يتم الربط و بشكل نهائي و محقق بين هذه العوامل و الإصابة باللوكيميا الليمفاوية الحادة، و من العوامل التي شملتها هذه الدراسات نذكر: عمر الأمهات عند ولادة الأطفال، و مدى تعاطي الأمهات للكحوليات أو التدخين، أو استعمال موانع الحمل، إضافة إلى مجالات عمل الآباء و مدى تعرضهم المستمر للكيماويات أو المذيبات الكيماوية، و تلوث مياه الآبار الجوفية بالكيماويات، و تعرض الأطفال للمبيدات الحشرية، و من جهة أخرى ثمة دراسات تشير إلى أن تناول المسكرات عند النساء الحوامل يزيد من نسبة الخطورة لظهور اللوكيميا النخاعية الحادة عند المواليد.

عـوامل الخطورة المتعـلقة بعـلاجات الأورام

        تفيد العديد من الدراسات الطبية عن وجود علاقة مباشرة، و بنسبة خطورة صغيرة، بين معالجة مرضى السرطان سواء البالغين أو الأطفال بالعلاج الكيماوي و العلاج الإشعاعي، و بين ظهور أورام ثانوية غير الورم الأصلي المُعالج ( خصوصا اللوكيميا النخاعية الحادة ) خلال فترات لاحقة من الحياة، و تركز هذه الدراسات خصوصا على فئة العقاقير الكيماوية المعروفة بعناصر الالكلة ( Alkylating agents ) مثل عقار سايكلوفوسفامايد و تربطها بنشوء الأورام الثانوية، و تشير أيضا إلى أن اللوكيميا تظهر عادة في فترات تتراوح بين 5 إلى 8 سنوات عقب انتهاء المعالجات، و تصنف ضمن فئة الأنواع العصيّة على المعالجة، و من ناحية أخرى تزيد نسبة الخطورة لنشوء السرطان و خصوصا أورام الجهاز الليمفاوي، ( بما في ذلك اللوكيميا الليمفاوية الحادة بطبيعة الحال )، عند الحالات التي خضعت لمعالجات مكثفة بغرض إحباط الجهاز المناعي ( و التي تتم عند التهيئة لعمليات زراعة الأعضاء بشكل رئيسي ).

عـوامل الخطورة الوراثية و عـلل المـورثات

        تبين للعلماء منذ عقود أن الإنسان قد يرث عن أبـويه بعض التبدلات و الاختلالات بالشفرات الوراثية بالحمـض النووي للخـلايا، و التي بدورها تسبب أمراضا تنتشر في عائلات بعينها، مثل علّـة النـاعورية ( hemophilia )، و فقر الـدم المنجـلي ( sickle cell anemia )، و بعض من هذه الأمراض تؤدي إلى ولادة الأطفال بجهاز مناعي غير طبيعي أو عاجز، و بالتالي تزيد من نسبة الخطر لنشوء اللوكيميا.

      و من ناحية أخرى ترتفع نسـب الخطورة لدى وجود بعض أنواع العيـوب الخلقية عند الولادة، و التي تُعرف بالمتلازمات ( syndromes )، و يمكن تعريف المتلازمة بأنها مجموعة متزامنة من الأعراض و التشوهات أو الإعاقات أو الظواهر الشاذة الأخرى، و التي تظهر في اغلب الأحوال مجتمعة بنفس المريض، مثل متلازمة داون أو المنغولية ( down's syndrome ).

و من المتلازمات التي تزيد من نسبة الخطورة لتطور اللوكيميا :

  • متلازمة لي فراومني ( Li-Fraumeni syndrome ) و التي تزيد من نسبة الخطر للوكيميا إضافة إلى أورام العظام الغرنية و أورام الأنسجة الرخوة و سرطان الثدي و الأورام الدماغية.

  • المنغولية أو متلازمة داون ( down's syndrome ) و التي تزيد من نسبة الخطورة لنشوء اللوكيميا، حيث عند هذه المتلازمة توجد ثلاثة نسخ من الصبغي رقم 21 بدلا من وجود نسختين من كل صبغي، و لأسباب غير مفهومة تسبب هذه الزيادة في التخلف العقلي و تماثل المظهر المميز للوجه عند المصابين بهذه المتلازمة، و الذين تزيد نسبة الخطورة لديهم للإصابة باللوكيميا بخمسة عشر ضعفا ( سواء النخاعية أو الليمفاوية ).

  • متلازمة كلينفلتر ( Klinefelter’s syndrome )، و هي حالة تنتج عن اختلال بالمورثات حيث يوجد لدى الذكور صبغي زائد من الفئة اكس ( x chromosome  )، مما يؤدي إلى العقم، و يمنع من التطور الطبيعي نحو البلوغ ( مثل ظهور شعر الجسم و علامات البلوغ )، و قد تم الربط بين هذه المتلازمة و زيادة نسبة الخطر لنشوء اللوكيميا.

إضافة إلى ما سبق، ثمة إختلالات أخرى بالمورثات مثل التي بالأورام العصبية الليفية ( neurofibromatosis )، و متلازمة ويسكوت الدريش ( Wiscott-Aldrich Syndrome )، و أنيميا فانكوني ( Fanconi’s anemia )، تحمل نسبة ضئيلة من الخطورة لنشوء اللوكيميا، و إن كانت تحمل نسبة اكبر لنشوء الأورام الليمفاوية ( خاصة اللاهودجكن ) و بعض الأورام الأخرى.

    و الجدير بالذكر من ناحية أخرى أن نسبة الخطورة لدى الشقيق التوأم المتماثل لطفل مصاب باللوكيميا ( سواء النخاعية أو الليمفاوية )، تتراوح بين 20 إلى 25 % خلال الست سنوات الأولى من العمر، بينما لا تزيد عن 2 إلى 4 % عند التوأم غير المتماثل أو الأشقاء الآخرين.

 


 

 

 

حـول الأعـراض

       

     تظهر معظم أعراض و علامات اللوكيميا كنتيجة مباشرة للنقص في تعداد خلايا الدم بالجسم، و الذي ينجم عن احتشاد الخلايا المتسرطنة بالنخاع العظمي مما يمنع من إنتاج الخلايا الطبيعية، و قد تظهر الأعراض المبكرة بشكل يُشبه الأعراض العادية لنزلة البرد، أو الأمراض المشابهة، من دورات حمى لا تنتهي و الارتجاف، و الشعور بآلام بالمفاصل و العظام، و التعرض المتكرر لأنواع مختلفة من العدوى، و قد يشكو الطفل بداية من قصر النفس و الشعور الدائم بالتعب و الإرهاق،  و فقدان الشهية و الوزن، و يبدو لون البشرة شاحبا و مصفرا نتيجة فقر الدم و نقص الكريات الحمراء، إضافة إلى سهولة النزف أو التضخم بالغدد الليمفاوية.

و من ناحية أخرى قد تتجمع الخلايا السرطانية في الدماغ أو الحبل الشوكي، و قد تظهر أعراض مثل الصداع الشديد و المستمر، أو اختلال الرؤية، أو عدم القدرة على حفظ التوازن، أو سهولة الإغماء، و التقيؤ، و التشوش الذهني، و عدم التحكم في بعض العضلات، أو النوبات الصرعية، و قد تتجمع أيضا في الخصية متسببة بتضخمها، كما قد تؤثر اللوكيميا أحيانا على الجهاز الهضمي أو الكلى أو أي جزء آخر من الجسم.

و نستعرض فيما يلي أهم الأعراض المعتادة :

العـدوى: من المعتاد أن يتعرض الطفل المصاب باللوكيميا لأية عدوى بسهولة، إضافة إلى أن مثل هذه العدوى لا تستجيب للمضادات الحيوية، و يُعاني الطفل من الحمّى المرتفعة و الإنهاك الجسدي، و ينتج ذلك عن النقص في تعداد خلايا الكريات البيضاء الطبيعية و خصوصا الخلايا الحُبيبية، و على الرغم من التعداد المرتفع للكريات البيضاء عند بعض الحالات، إلا أن الخلايا المتسرطنة لا تكافح العدوى كما تفعل الخلايا العادية بطبيعة الحال.

سهولة النزف و التكـدم : قد تظهر على الطفل بقع حمراء صغيرة تحت الجلد تنتج عن النزف من الشعيرات الدموية، أو تظهر كدمات غير مبررة ( أو لأدني تكدم ) و بلون ازرق غامق أو اسود، إضافة إلى نزف باللثة أو تضخمها، أو سهولة النزف بأي موضع، و النزف المتطاول لأدنى جرح، و كل ذلك ينتج عن العجز في إنتاج الصفائح الدموية.

الإعياء و شحوب البشرة : قد يُعاني المريض من قصر النفس و الشعور الدائم بالتعب و الإعياء، و يبدو لون البشرة و الشفتين شاحبا و ذلك عائد إلى نقص تعداد كريات الدم الحمراء، و نشوء فقر الدم.

الآم العـظام : يعاني حوالي ثلث الأطفال المرضى من ألام بالعظام و تعاني نسبة اقل من آلام المفاصل، و ينجم ذلك عن احتشاد خلايا اللوكيميا تحت سطح العظام أو داخل المفاصل.

تضخم بالتجويف البطني : تتسبب اللوكيميا بتضخم بالطحال و الكبد عند بعض الحالات، و قد يبدو هذا التضخم شبيها بامتلاء المعدة، و رغم أن الأضلاع السفلى تغطي هذه الأعضاء إلا أنه يمكن للطبيب تمييز مثل هذا التضخم بسهولة.

تضخم الغـدد الليمفـاوية : يمكن لخلايا اللوكيميا الانتقال إلى الغدد الليمفاوية مما يتسبب بتضخمها، و قد يبدو هذا التضخم واضحا للعيان عند إصابة الغدد القريبة من سطح الجسم ( مثل الغدد بجانبي الرقبة و تحت الإبطين أو قرب الترقوة )، إلا أنه يصعب تمييز التضخم بالغدد داخل التجويف البطني أو الصدر دون استخدام الفحوصات التصويرية، مثل التصوير المقطعي أو الرنين المغناطيسي.

تضخم الغـدة الصعـترية ( التوتة thymus ) :

   من المعتاد أن يؤثر تسرطن الخلايا الليمفاوية التائية مباشرة على الغدة الصعترية مما يؤدي إلى تضخمها، و هذا العارض يُعد خطيرا بصفة خاصة، إذ أنه إضافة إلى ضغط الغدة المتضخمة ( أو أي غدة ليمفاوية أخرى ) على القصبة الهوائية، مما يؤدي إلى ضيق النفس و السعال، و أحيانا حتى إلى الاختناق، يؤدي ضغط الصعترية المتورمة على الوريد الأجوف العلوي ( الذي يحمل الدم من الرأس و الذراعين إلى القلب ) إلى نشوء علة الوريد الأجوف العلوي ( superior vena cava syndrome SVC ) الخطرة، و التي تستلزم المعالجة الفورية، ومن أعراضها ظهور انتفاخ بالرأس و بالذراعين و بأعلى الصدر، مع تغير لون الجلد بهذه المواضع إلى اللون الأحمر المزرقّ، و قد تؤثر على الدماغ أيضا و تهدد حياة الطفل بشكل جديّ.

الصداع و النوبات الصرعـية و التقيـؤ : يمكن لخلايا اللوكيميا أن تنتقل خارج النخاع العظمي فيما يُعرف بالانتشار خارج لب العظام ( extramedullary spread )، و يمكنها أن تنتقل إلى الجهاز العصبي المركزي أي الدماغ و الحبل الشوكي، أو إلى أعضاء حيوية أخرى بما في ذلك الخصيتين أو المبايض أو الكليتين أو الرئتين أو القلب أو الأمعاء، و لوحظ أنه عند حوالي 10 إلى 12 % من حالات اللوكيميا النخاعية الحادة يظهر الانتشار إلى الجهاز العصبي عند التشخيص، بينما تقل النسبة بحوالي النصف عند حالات اللوكيميا الليمفاوية الحادة، و من المؤشرات المعتادة على مثل هذا الانتقال ظهور الصداع و الإنهاك البدني، و النوبات الصرعية، و التقيؤ، و صعوبة حفظ التوازن الحركي و تشوش الرؤية، و الخمول.

الطفح الجلدي : تظهر عند بعض حالات اللوكيميا النخاعية الحادة أعراض تعد نادرة، مثل تضخم اللثة و نزفها بسبب من انتقال الخلايا الورمية إليها، و ظهور بقع صغيرة غامقة اللون على البشرة تشبه الطفح الجلدي تنتج عن انتقال الخـلايا الورمية إلى الجلد، و قد تتجمع هذه الخلايا تحت الجلد ( أو بمواضع أخرى ) مكونة ما يُعرف باللوكيميا الخضراء ( أو الورم الأخضر chloroma ) سالفة الذكر.

و ثمة عارض آخر جديّ للوكيميا النخاعية الحادة، و إن كان نادراً، يتمثل في معاناة المريض لضعف و إعياء شديدين، و صعوبة النطق و ثقل اللسان، و ينتج ذلك عن تواجد أعداد كبيرة من الخلايا الورمية بالدم ( مما يجعله غليظ القوام ) و ذلك يؤثر على جريانه بالأوعية الدموية الشعرية بالدماغ.

 


 

 

 

 

حـول التشـخيص

       

       بطبيعة الحال يتطلب تشخيص اللوكيميا إجراء تحاليل مختلفة للدم و لخلايا النخاع العظمى، إذ قد تمثل الأعـراض المبكرة و بوضوح العديد من الأمراض الأخرى، بما في ذلك فقـر الدم الناتج عن علل أخرى، و أنواع العـدوى المختلفة و التهاب اللوزتين، و حالات الروماتيزم و التهاب السحايا، إضافة إلى أنواع أخري من السرطان، و من المهم تحديد أي من مكونات كريات الدم البيضاء قد تسرطن لتحديد نوع اللوكيميا، إذ أن الخطط العلاجية و مدى الاستجابة تختلف في كل نوع و عند كل حالة، و في الغالب يتم تحديد نوع اللوكيميا من مظهرها تحت المجهر، و قد يتطلب الأمر أحيانا إجراء تحـاليل خاصة على الصبغيات الـوراثية و الكيمياء الحيوية للخلايا.

        عند ظهور الأعراض الممكن نسبتها إلى اللوكيميا، يقوم الطبيب بإجراء تحليل أولىّ للدم لتعداد خلاياه و فحص عينة تحت المجهر، فالتغيرات في تعدادات خلايا الدم المختلفة و مظهرها المجهري تعد مؤشرا على وجود خلل ما، و من المعتاد أن تظهر بدم المرضى أعداد كبيرة من الكريات البيضاء مع وجود نقص بتعداد الكريات الحمراء و الصفائح الدموية، إضافة إلى أن معظم الكريات البيضاء تكون مجرد خلايا أولية ( بلاست ) و التي من المفترض أن تتواجد بالنخاع العظمي و ليس بالدورة الدموية، و رغم هذه المعطيات المقلقة إلا أنه لا يمكن تأكيد و جود اللوكيميا دون فحص خلايا النخاع العظمي مجهريا، و ذلك باستخلاص عينة بواسطة عملية سفط نقى العظم ، و فحصها بدقة تحت المجهر ليتسنى الكشف عن وجود الخلايا الورمية و نوعها و خواصها الحيوية، و قد يقوم الطبيب باستكشاف السائل المُخّي الشوكي المحيط بالحبل الشوكي و الدماغ، للتحقق من انتشار الخلايا السرطانية إلى النخاع الشوكي و الدماغ و ذلك بسحب عينة السائل المذكور، عادة عبر الفجوات بين الفقرات القطنية أسفل العمود الفقري بواسطة إبرة شعرية و فحصها تحت المجهر.

        و يتم إجراء استكشاف النخاع أو خزع النخاع العظمي (Bone marrow biopsy   ) عقب التشخيص، لتحـديد نوع الورم و لتحديد نسبة الخلايا الشاذة، و بشكل روتيني أثناء الدورات العلاجية لتحديد نسبة الخلايا الشاذة المتبقية و مدى الاستجابة للمعالجات، ليتسنى تعديل البرنامج العلاجية حسب التطورات، فمثلا إن أظهر الاستكشاف أن النخاع يحتوي نسبة تقل عن 25 % من الخلايا الورمية، فقد يوصي الفريق المعالج بالاستمرار على نفس المخطط العلاجي، أما إذا اظهر أن النخاع لا يزال محتشدا بالخلايا الشاذة و يُعد الطفل بطئ الاستجابة للعلاجات، فقد يستدعي الأمر دورة علاجية أكثر كثافة.

و يتم إجراء هذا الاستكشاف و الذي يُعرف أيضا بعملية سفط نُقى العظم ( Bone marrow aspiration ) عادة عقب انتهاء كل دورة علاجية، و يتم إجراؤه بسحب خزعة من النخاع العظمي كعينة، و عادة من عظم الورك الخلفي حيث العظم تحت الجلد مباشرة و يحتوى على كميات كبيرة من النخاع، و تتم عملية استخلاص العينة بأن يستلقي الطفل ممددا على وجهه و قد توضع تحته وسادة مناسبة لرفع مستوى الجسم، و يقوم الطبيب المختص بتحديد موضع السحب المناسب و تعقيمه، و من ثم استخدام التخدير المناسب سواء موضعيا أو التخدير الكلي قصير الأجل، ثم يقوم بإدخال إبرة السحب التي لا تختلف كثيرا عن الإبرة العادية عبر الجلد إلى العظم و يقوم بسحب العينة التي تكون اسطوانية الشكل بقطر 1.5 ملليمتر و طول 12.5 ملليمتر تقريبا، و تتم دراستها تحت المجهر، و لا تستغرق هذه العملية أكثر من خمس دقائق.

و من ناحية أخرى و عند بعض الحالات قد يتم إجراء خزع للغدد الليمفاوية بموضع ما للتقصي، إضافة إلى إجراء سلسلة من الصور الإشعاعية المختلفة من أشعات سينية، و التصوير الشعاعي المقطعي ( Computed tomography scan ) إضافة إلى التصوير بجهاز المرنان المغناطيسي ( Magnetic resonance imaging باستخدام الموجات المغناطيسية لوضع صور متعددة للجسم ) و التصوير بالموجات فوق الصوتية، لتحديد مدى تأثر أعضاء أخرى بالجسم خصوصا الكبد و الطحال و الغدد الليمفاوية.

     و من المعتاد إجراء تحاليل خلوية خاصة عند حالات اللوكيميا، و هي فحوصات تستهدف دراسة التغيرات بالحمض النووي للخلايا الورمية، و التغيرات و التبادلات في أنواع الصبغيات الوراثية، إضافة إلى الكشف عن الخلايا السرطانية باستخدام ضدّيات الجسيمات الغريبة ( Antibodies )، مما يمكّن من تحديد نوع اللوكيميا و تخطيط المعالجات المختلفة، و تُجرى هذه التحاليل على خلايا العينات المستخلصة من النخاع العظمي و السائل المُخّي الشوكي و الغدد الليمفاوية و عينات الدم، بُغية تحرى التغيرات الشاذة سواء في حجم هذه الخلايا أو سلوكها أو سماتها المظهرية تحت المجهر، و تُعد  تحاليل المورثات الخلوية ( Cytogenetics  ) من أهم هذه الفحوصات التي تستهدف تحديد التغيرات في الصبغيات الوراثية، إذ كما سلف القول تحتوى الخلايا البشرية الطبيعية على 46 صبغيًا ( chromosomes و التي هي أجزاء من الحمض النووي و بروتينات تتحكم في دورة حياة الخلية و عمليات الأيض )، و في بعض أنواع اللوكيميا، يتصل جزء من احد الصبغيات بجزء من صبغي مختلف، و حدوث التبادل في المواقع بين عُرى الصبغيات (Translocation  )، و من الممكن عادة تقصي هذه التبادلات تحت المجهر، و بطبيعة الحال يساعد تمييزها في التحديد الدقيق لنوع الخلايا المتسرطنة و التخطيط للمعالجة، و التكهن بالمردود العلاجي و تقدير الحالة.

و بهذا الصدد تجدر الإشارة إلى وجود صبغيات تزيد عن العدد الطبيعي بالخلايا الورمية لدى بعض الحالات، و لوحظ أن خلايا اللوكيميا الليمفاوية الحادة التي يظهر بها عدد 50 صبغياً هي أكثر تأثرا بالعلاج الكيماوي، بينما التي تحتوى على عدد يقل عن 46 صبغياً، فهي أكثر مقاومة للعقاقير الكيماوية مما يستلزم تلقي جرعات أكثر كثافة.

و يُرجى الانتقال لصفحة الفحوصات و التحاليل المخبرية لمزيد من التفاصيل حول مختلف هذه التحاليل و الاختبارات.

 


 

 

 

 

تصنيف اللوكيميا النخـاعية الحادة

        تصنف اللوكيميا النخاعية الحادة تبعا لنوع الخلايا المتسرطنة و مظهرها المجهري، و حالة المرض ( بدلا من التصنيف المرحلي كما في الأورام الصلبة )، و ثمة أربعة أنواع رئيسية منها تبعا لنوع خلايا النخاع العظمي المتسرطنة، أي خلايا المنشأ التي تتطور لتتحول إلى خلايا دموية :

لوكيميا الخـلايا الحُـبيبية :

        و هي الأكثر شيوعا، و تنشأ عند تسرطن الأوليّات النخاعية ( myeloblasts )، التي تتحول في أطوارها النهائية إلى خلايا متعادلة ( neutrophils ) و خلايا قاعدية ( Basophils ) و خلايا حمضة ( Eosinophils )، و يمكن تمييزها من مظهرها المجهري بسهولة، و هي تنقسم إلى ثلاثة أنواع :

  • اللوكيميا النخاعية دون نضوج ( Myeloblastic without maturation ) أي أن الخلايا الغالبة بالنخاع عند التشخيص هي خلايا ورمية دون وجود خلايا عادية في طريقها إلى النضج.

  • ثم اللوكيميا النخاعية مع نضوج ( Myeloblastic with maturation  ) بوجود خلايا طبيعية بالنخاع في طريقها إلى النضج.

  • النوع الثالث و الذي يعتبر خاصا يُعرف بلوكيميا الخلايا النخاعية الخديج ( Promyelocytic leukemia و هذه الخلايا هي إحدى المراحل الأولية المبكرة لتطور و نمو الخلايا المتعادلة )، و في هذا النوع يتوقف نمو الخلايا الورمية عند نقطة يتشابه فيها مظهرها مع مظهر الخلايا الخديج الطبيعية بالنخاع، و لعل الأدق أن يقال أنها تجمدت عند هذه النقطة حيث يمكن دفعها إلى النضج، و تتم معالجتها بطريقة خاصة مختلفة عن أنواع اللوكيميا النخاعية الحادة.

اللوكيميا الأحـادية ( monocytic leukemia  ) : و تنشأ عند تسرطن الأوليّات الأحادية ( monoblasts ) التي تتحول إلى خلايا أحادية (monocytes )، و هي شائعة أكثر بين الأطفال ما دون الثانية من العمر.

لوكيميا الحُميرات الأوليّـة ( erythroleukemia  ) : و تنشأ عند تسرطن الحُميرات الأوليّة ( erythroblasts ) التي تتحول إلى كريات دم حمراء، و هذا النوع نادر جدا عند الأطفال.

لوكيميا النقـبيات الضخـمة ( megakaryocytic leukemia ) :

و تنشأ عن تسرطن أوليّات الخلايا النقبية الضخمة ( megakaryoblasts ) التي تتحول إلى صفائح دموية، و يتماثل نمو خلاياها بشكل كبير مع نمط نمو الصفائح الدموية، مما يستدعي استخدام صبغات خاصة لتمييزها تحت المجهر.

        و حسب نظام التصنيف الشائع يتم تصنف اللوكيميا النخاعية الحادة إلى ثمانية فئات، يرمز لكل منها اختصارا بالحرف الأول لكلمة النخاعي ( myeloid ) مع الترقيم، تبدأ من M0  و حتى M7   و تشير كل فئة إلى نوع الخلايا المتسرطنة :

  • M0 : و توضع بهذا التصنيف الحالات التي لا يمكن فيها تمييز خلايا اللوكيميا النخاعية تحت المجهر، للتماثل الشديد بينها و بين خلايا اللوكيميا الليمفاوية، و يتم التمييز عقب إجراء التحاليل الخلوية.

  • M1 و M2 : و يشمل هذا التصنيف حالات لوكيميا الخلايا الحُبيبية بتفرعاتها.

  • M3 : و يتضمن لوكيميا الخلايا النخاعية الخديج ( Promyelocytic leukemia  ).

  • M4 : يختص هذا التصنيف بأحد تفرعات اللوكيميا الأحادية و يُعرف باللوكيميا النخاعية الأحادية
    Myelomonocytic leukemia ) حيث يظهر التسرطن بالخلايا الحُبيبية و الأحادية بنفس الوقت.

  • M5 : و يختص هذا التصنيف باللوكيميا الأحادية ( monocytic leukemia  ). 

  • M6 : يتضمن هذا التصنيف لوكيميا الحُميرات الأوليّة ( erythroleukemia  ) النادرة جدا عند الأطفال.

  • M7 :  و يختص هذا التصنيف بلوكيميا النقبيات الضخمة ( megakaryocytic leukemia ).

و من جهة أخرى يتم تصنيف اللوكيميا النخاعية حسب الحالة المرضية عوضا عن التصنيف المرحلي المتبع في الأورام الصلبة إلى الفئات التالية:

اللوكيميا غير المعـالجة ( Untreated ) : و يعني هذا المصطلح أن الطفل غير مُعالج من اللوكيميا فيما عدا معالجة الأعراض الأولية المصاحبة، مما يعني أن تعداد الكريات البيضاء كبير جدا سواء في الدم أو النخاع العظمي، و قد تظهر العلامات و الأعراض الحادة الأخرى المصاحبة للوكيميا.

حالة الاستقرار و الخلو أو الخمود ( Remission ) : و يعني هذا المصطلح أن الطفل قد تلقى العـلاجات اللازمة، و قد عـادت و استقرت تعدادات كريات الدم البيضاء و خلايا الدم الأخرى إلى المستويات العادية سواء في الـدم أو النخاع العـظمي، و الخلايا الورمية في حالة خمود، و لا توجد علامات و أعراض اللوكيميا.

حالة الرجوع أو التواتر ( Recurrent ) : و يعني هذا التعبير أن التسرطن اللوكيمي قد عاد و ظهر عقب تحقيق مرحلة الخمود، كما يعني أيضا عدم تحقيق الخمود و الخلو عقب تلقي العلاجات الأولية اللازمة حسب البرامج العلاجية القياسية.

 


 

 

 

 

حول معـالجة اللـوكيميا النخـاعية الحادة

 

       تُعد أغلب حالات اللوكيميا قابلة للشفاء بنسب عالية، و المعالجة عملية معقدة و متعددة الجوانب و تختلف من نوع لآخر و من مريض لآخر، و لا تعتمد على النوع فحسب، بل على جوانب متعددة أخري مثل مسلك الخلايا الشاذة و كثافة تواجدها و مدى انتشارها، إضافة إلى عمر الطفل و حالته الصحية العامة و بنيته الجسدية.

    و بطبيعة الحال من المهم جدا البدء في المعالجات حال تشخيص اللوكيميا الحادة، و دون انتظار، و تستهدف المعالجات الوصول إلى مرحلة حصار خلايا اللوكيميا و القضاء عليها أو استقرارها ( Remission induction ) و تُعرف أيضا بمرحلة تحقيق الخلـو، ثم مرحلة تقوية و ترسيخ الاستقرار ( Consolidation )، و التي تشمل أيضا عمليات حماية الجهاز العصبي المركزي، تليها مرحلة الوقاية و المحافظة ( Maintenance ) عند بعض الحالات خصوصا بالتصنيف M3، و من جهة أخرى تعتمد فرص تحقيق الشفاء القياسي على عدة عوامل مجتمعة، أهمها عمر الطفل عند التشخيص و تعداد الكريات البيضاء في الدم و مدى انتشار المرض و الخصائص الحيوية للخلايا اللوكيمية، إضافة إلى مدى استجابتها للعلاجات المتلقاة.

و في هذا السياق يلزمنا الإشارة إلى عوامل التكهن بالمردود العلاجي أو مؤشرات المرض ( prognostic factors ) و التي من المهم للأطباء تحديدها منذ البداية عبر معطيات مختلف الفحوصات و التحاليل، ليتمكنوا من ترتيب الخطط العلاجية الملائمة عند كل حالة، و تحديد ما إن كانت الحالة تستلزم الاكتفاء بالعلاجات القياسية، أم تستدعي علاجات مكثفة و أكثر صرامة.

و بهذا الصدد يتم تصنيف حالات اللوكيميا إلى ثلاثة فئات :

      ذات الخطر القياسي أو المعتدل ( standard risk  ) ، و فئة ذات الخطر المرتفع (  high risk ) ، و فئة ذات الخطر الشديد ( very high risk ) ، و بطبيعة الحال تستلزم الفئتين الأخيرتين علاجات مكثفة، كما أن الحالات ذات الخطر المعتدل تستجيب للعلاجات و تحقق سنوات شفاء قياسية بنسب أعلى من غيرها.

و فيما يتعلق باللوكيميا النخاعية الحادة تعد المؤشرات التالية من الدلائل المهمة و التي ينبغي احتسابها :

تعـداد كريات الدم البيضاء عند التشخيص : يُعد الطفل من فئة الخطر المرتفع إن تجاوز تعداد الكريات البيضاء بالدم 100.000 خلية بالملليمتر المكعب عند التشخيص.

التحاليل الخلـوية : تفيد الدراسات الطبية عن انخفاض معدلات الشفاء القياسية عند حالات اللوكيميا النخاعية المترافقة مع متلازمة سوء النمو النخاعي ( myelodysplastic syndrome حيث ينتج النخاع أعدادا ضئيلة من خلايا الدم، إضافة إلى موت هذه الخلايا بمراحلها المبكرة قبل أن تنضج، و تسمى أيضا باللوكيميا الكامنة )، كما تنخفض المعدلات عند الحالات المصابة بعيوب الصبغيات المعروفة بأحادية الصبغي السابع ( Monosomy 7 )، حيث يفتقد هذا الصبغي بخلايا اللوكيميا إحدى نسختيه الاثنتين، و من ناحية أخرى تُعد الفرص جيدة بنسبة كبيرة عند وجود تبادل بالصبغيات ( translocation ) بخلايا اللوكيميا بين الصبغي رقم 15 و رقم 17 ، و بين رقمي 8 و 21، أو عند وجود انعكاس بالصبغي رقم 16.

التجاوب مع العـلاجات : تنخفض نسب الشفاء القياسية عند الأطفـال ممن يستجيبون ببطء للعلاج الكيماوي، و يحتاجون لأكثر من دورة واحدة لتحقيق الاستقرار، بينما ترتفع النسب عند الحالات التي تستجيب و تحقق الاستقرار عقب تلقي الدورة العـلاجية الأولى، و في هذا السياق تُصنف حالات اللوكيميا النخاعية الحادة إلى ثلاث فئات تبعا للاستجابة للعلاج القياسي، فئة تجاوب ضعيف أو قياسي أو جيد.

متلازمة داون (Down's syndrome ) أو المنغولية : ترتفع نسب الشفاء القياسية بين الأطفال المصابين بالمنغولية مقارنة بغيرهم.

التشكل تحت المجهر : يعطى مظهر خلايا اللوكيميا المجهري دلائل جيدة عن فرص الشفاء، فمثلا عندما تتشكل الحبيبات داخل خلايا اللوكيميا على هيئة إبرية أو عصوية ( و تلاحظ بكثرة عند الحالات بالتصنيف M2  و M3 ) تكون فرص الشفاء جيدة.

 


 

 

 

 

حـول أنواع العـلاجات

      

      يُعد العلاج الكيماوي خط العلاج الأولي لإبيضاض الدم النخاعي الحاد، و يستخـدم العلاج الإشعاعي لحالات معينة، كما قد يتم إجراء عمليات زراعة نقى النخاع العظمي في بعض الأحيان.

 

العـلاج الكيمـاوي

        العلاج الكيماوي هو علاج باستخدام أدوية خاصة تُعرف بالعقاقير الكيماوية المضادة للسرطان، تقوم بالقضاء على الخلايا السرطانية و تدميرها، و ذلك بعرقلة و تقويض نسق العمليات الحيوية داخلها، و تأتي الميزة الرئيسية لهذا العلاج من مقدرته على معالجة الأورام المتنقلة و المنتشرة، بينما يقتصر العلاج الإشعاعي أو العمل الجراحي على معالجة الأورام المنحصرة بمواضع محدّدة، و فعّاليته المتميّزة تعود إلى حقيقة أن الخلايا السرطانية، بطريقة ما، هي أكثر حساسية و أشد تأثراً بالكيماويات من الخلايا الطبيعية. و قد يتم استخدامه كعلاج وحيد في بعض الحالات، أو جزء من برنامج علاجي متكامل يتضمن عدة عـلاجات مشتركـة، و اتخاذ القرار باستخدام هذا العلاج، يتم بالموازنة ما بين فعّاليته و تأثيراته الجانبية و مضاعفاته المستقبلية، و بين خطورة السرطان، و بطبيعة الحال فمضاعفاته و آثاره مقبولة مقارنة بالمرض نفسه، إضافة إلى المردود العلاجي الإيجابي بدرجة كبيرة.

و قد يُسمى العلاج الكيماوي علاجا جهازياً ( systemic )؛ نظراً لانتقال العقاقير الكيماوية عبر الدورة الدموية إلى كل أجزاء الجسم، و مقدرتها على تدمير الخلايا السرطانية حيثما تبلُغ، و قد يتم استخدامه قبل المباشرة بالجراحات عند الأورام الصلبة تحضيراً لها، و بُغية تسهيلها؛ بحصره و تقليصه للورم، بما يُعرف بالعلاج الكيماوي المبدئي المساعد ( Neoadjuvant )، كما قد يُستخدم عقب الجراحات و استئصال الأورام؛ بهدف القضاء على أية خلايا ورمية غير ممّيزة قد تكون متبقية، و للمساعدة في منع عودة السرطان، بما يُعرف بالعلاج الكيماوي المُضاف ( adjuvant ).

        و يتم تناول أدوية العلاج الكيماوي بطرق و قنوات مختلفة، فمنها ما يؤخذ عن ‏طريق الفم على هيئة أقراص أو كبسولات أو سوائل، و أغلبها تُحقن بالجسم، بطرق الحقن المختلفة: الحقن في الوريد، الحقن في العضل، ‏الحقن في شريان رئيسي أو الحقن موضعيا مباشرة تحت الجلد، و إن كان الحقن الوريدي هو أكثر الطرق استخداماً، و قد تُستخدم وسائل أخرى للمساعدة على الحقن مثل ‏ القسطرات ( catheters )، التي يتم زرعها عادة بالصدر و يمكن استخدامها لفترات طويلة، كما يتم حقن الأدوية مباشرة إلى السائل الشوكي المُخّي المُحيط بالحبل الشوكي و الدماغ، فيما يُعرف بالحقن الغِمدي، سواء للقضاء على الخلايا الورمية، أو لحماية الجهاز العصبي المركزي و الدماغ، و يتم ذلك عادة بالحقن عبر الفقرات القَطَنية أسفل العمود الفقري، أو عبر أداة قسطرة خاصة تُزرع تحت فروة الرأس تُعرف بمحفظة أومايا ( Ommaya reservoir ).

        و تتكون البرامج العلاجية من عدة دورات متكررة تفصل بينها فترات نقاهة، و قد يتلقى المريض خلال كل دورة توليفة مشتركة من عدة أدوية كيماوية، أو يتم الاقتصار على عقار واحد، حسب نوع الورم و المخطط العلاجي المتبع عند كل حالة. و بصفة عامة يتم استخدام العلاج الكيماوي خلال فترات زمنية متطاولة لتخفيض كمّ الخلايا السرطانية بالتدريج، إلى الحدّ الذي يتمكن فيه نظام المناعة بالجسم من السيطرة على أي نمو ورمي، إضافة إلى أن الفسحة الزمنية ما بين الجرعات توضع بُغية تحقيق أكبر تأثير على الخلايا السرطانية، و بنفس الوقت إعطاء فترة كافية للسماح للخلايا و الأنسجة العادية كي تتعافى من مفعول العقاقير الكيماوية، إذ أن لأنواع العقاقير المختلفة تأثيرات بدرجات متفاوتة على الخلايا و الأعضاء الطبيعية السليمة، خصوصا الخلايا و الأنسجة سريعة النمو و غزيرة التكاثر و دائمة الاستبدال، مثل خلايا النخاع العظمي، و خلايا الدم، و خلايا و أنسجة الجهاز الهضمي، إضافة إلى بعض الأعضاء الحيوية مثل الكبد و الكليتين، مما يؤدي بدوره إلى حدوث المضاعفات الجانبية المُصاحبة، والتي تتفاوت في الشـدّة و النوعية من عقار لآخر، و من شخص لآخر، و من دورة عـلاجية لأخرى حتى بالنسبة لنفس الشخص، و تعتمد أساساً على نـوع و جرعة العقار المُستخدم و تفاعل الجسم حياله، و هذه التأثيرات متعددة؛ و تشمل إحباط النخاع العـظمي ( و بالتالي إنخفاض تعداد خلايا الـدم )‏، و مضاعفات الفـم و اللثة ( مثل الالتهابات و التقرح و الجفاف )، و تسـاقط الشعر المؤقت، و الإمسـاك و الإسهال، و الإعياء و الغثيان و التقيؤ و فقدان الشهية، و تحسس الجلد و البشرة، و يتم عادة تناول أدوية مُساعدة و اتخاذ بعض التدابير الوقائية و المساندة؛ لتجنب مثل هذه التأثيرات و للوقاية منها و للتخفيف من حدّتها، قبل الدورات العلاجية و أثناءها و عقب انتهائها.

و بهذا الصدد من المفيد الإشارة إلى أنه توجد ببعض خلايا اللوكيميا تغيرات بالمورثات تجعلها مقاومة للعلاج الكيماوي بصفة خاصة، و تظهر هذه التغيرات بمورث المقاومة الدوائية المضاعفة ( multiple drug resistance MDR )، الأمر الذي يسمح للخلايا اللوكيمية بالطرد السريع لبعض العقاقير الكيماوية من داخل خلاياها إلى الخارج، مما يمنع من تجمع الدواء داخل الخلايا بالكمّ اللازم للقضاء عليها، و هذا المورث مهم على وجه الخصوص في معالجة اللوكيميا النخاعية الحادة، و لهذا السبب تتم معالجة هذه اللوكيميا باستخدام جرعات عالية من العلاج الكيماوي خلال فترة قصيرة، بينما تتم معالجة اللوكيميا الليمفاوية الحادة بجرعات مخفضة خلال فترة زمنية أطول.

      كما تجدر الإشارة إلى أنه يظهر لدى حالات اللوكيميا و الأورام الليمفاوية عارض يُعرف بمتلازمة إنـحلال الـورم  ( Tumor lysis syndrome ) و يُعتبر كأحد التأثيرات الجانبية للعلاج الكيمـاوي، و ينتج عند الإنحلال السريع للخـلايا اللوكيمية و الليمفاوية الورمية، التي عند موتها تطلق مخلفات إنحلالها و بعض المعادن بالدورة الدموية، ( يظهر ذلك بارتفاع معدلات البوتاسيوم و الفوسفات و حمض البوليك، و انخفاض معدلات الكالسيوم ) مما يؤثر على الكليتين و القلب و الجهاز العصبي، و يتم تجنب هذا العارض بزيادة معدلات التروية عند الطفل و التأكد من تناول الكثير من السوائل، و بإعطاء المحـاليل الوريدية بكميات كبيرة بإضافة البيكـربونات لزيادة قلوية البول، و تناول أدوية معينة مثل عقـار اللوبرينول ( Allopurinol ) و عقار يوريكوزيم  ( uricozyme ) لمساعدة الجسم على التخلص من هذه المخلفات و تخفيض معدلات حمض البوليك و لحماية الكليتين.

( يُرجى الانتقال إلى صفحة العلاج الكيماوي، للإطلاع على المزيد من التفاصيل حول هذا العلاج و أساليب إدارته و مضاعفاته ).

 


 

 

 

 

العـلاج الإشعـاعي

       العلاج الإشعاعي هو علاج باستخدام التطبيقات المختلفة للإشعاع المؤين ( ionizing radiation )، لتدمير الخلايا السرطانية و تقليص الأورام، سواء باستخدام العناصر و النظائر المُشعّة، أو باستخدام دفق إشعاعي، مُؤجّج و عالي الطاقة، من الأشعة السينية، أو أشعّة أخرى مثل أشعة جاما، أو دفق النيوترونات أو البروتونات، و تتركز فاعلية الإشعاع، في مقدرته على تقويض و تفتيت الحمض النووي للخلايا الورمية، و هو المادة الحيوية و الأساسية لمختلف الوظائف الخلوية، مما يؤدي إلى القضاء عليها.

        يُعد العلاج الإشعاعي علاجا موضعياً، و هو ينقسم إلى نوعين؛ داخلي ( Internal )، حيث تُزرع العناصر المشعّة مباشرة داخل أنسجة الورم، أو قريبا منها، سواء بشكل مؤقت أو بصفة دائمة، و خارجي ( external )، حيث يُبث الإشعاع من آلة تُسلط الأشعّة على مواضع الأورام، و قد يتم استخدام كلا النوعين لدى بعض الحالات.

و  يستخدم الإشعاع الخارجي عند اللوكيميا لدى الحالات التي تستلزم ذلك فحسب ( خصوصا معالجة خلايا اللوكيميا المتواجدة بأغشية السحايا بالدماغ أو بالخصيتين، و في حالات نادرة كمعالجة طارئة عند وجود ضغط على القصبة الهوائية )،  و بطبيعة الحال و تلافيا لآثار الإشعاع، يتم اتخاذ تدابير وقائية أثناء المعالجة الإشعاعية، لحماية الأنسجة و الأعضاء الطبيعية السليمة الواقعة ضمن حقل المعالجة.

و قد يتم استخدام العلاج الإشعاعي منفرداً، كعلاج وحيد، أو بصفة مشتركة مع علاجات الأورام الأخرى، و قد يُستخدم بديلاً عن الجراحة كعلاج أوليّ، عند بعض الأورام الصلبة، كما قد يُستخدم قبل المباشرة بالعمل الجراحي فيما يُعرف بالعلاج المبدئي المساعِد ( neoadjuvant therapy )، بُغية تقليص حجم الورم؛ لتسهيل استئصاله، أو يتم استخدامه عقب جراحات الاستئصال كعلاج مُضاف   ( adjuvant therapy )؛ بُغية القضاء على أية خلايا ورمية غير مميّزة قد تكون متبقية.

        و بطبيعة الحال، للعلاج الإشعاعي مضاعفات و آثار جانبية مُصاحِبة، ترتبط إجمالا بموضع المعالجة، و تنجم بشكل عام عن تأثر الخلايا و الأنسجة سريعة النمو و الاستبدال، و من هذه التأثيرات: مضاعفات الجلد و البشرة، و الإعياء، و التهابات و جفاف الفم، و تساقط الشعر، و الغثيان، و المشاكل المعوية، و إحباط النخاع العظمي، و يتم اتخاذ بعض التدابير الوقائية و المُسانِدة، و تناول أدوية مُساعدة؛ لتجنب مثل هذه الآثار و للتخفيف من حدّتها.

( يُرجى الانتقال إلى صفحة العلاج الإشعاعي، للإطلاع على المزيد من التفاصيل حول هذا العلاج و طرق إدارته ).

 


 

 

 

 

زرع نُـقى النخـاع العـظمي ( Bone marrow transplant  )

      كما سبقت الإشارة فالنخاع العظمي هو النسيج الإسفنجي اللين و المسمى بالنخاع الأحمر، و المتواجد داخل جزء العظام المعروف بالعظم الإسفنجي ، و الذي تتمثل وظيفته الأساسية في إنتاج خلايا الدم، و يتكون من خلايا متحولة ( تتحول إلى خلايا دموية أي مولدة لمكونات الدم hematopoietic cells )، و خلايا دهنية، و أنسجة تساعد على نمو خلايا الدم.

   و الخلايا في بداية التكوين ( الأولية ) تسمى خلايا أرومية أو خلايا المنشأ (  Stem cells)، و هي تقوم بالانقسام الذاتي لتتكاثر، منتجة لخلايا منشأ جديدة، أو تقوم عبر سلسلة من الانقسامات التراكمية و التحولات المتعاقبة بإنتاج خلايا الدم المختلفة ( كريات الدم البيضاء و الحمراء و الصفيحات الدموية )، التي تواصل مراحل النمـو و النضج داخل النخاع، و يوجد النخاع العـظمي في كل العظام تقريبا عند الأطفال الرُضّع، بينما و قبيل سن البلوغ، يتركز غالبا في العظام المسطحة، مثل عـظم الجمجمة، و الأكتـاف، و الضلـوع، و عظام الحوض، و مفاصل الذراعين و الرجلين.

      و تأتي الحاجة إلى إجراء عمليات زرع نقى النخاع العظمي ( Bone marrow transplant )، أو عمليات زرع خلايا المنشأ   ( Stem cells transplant ) حين يعجز النخاع عن أداء وظائفه، و ينجم هذا العجز إما عن تأثيرات السرطان نفسه، الذي يجعله إما منتجا لخلايا ورمية شاذة، أو منتجا لأعداد ضئيلة من خلايا الدم،  أو ينجم عن تأثيرات العقاقير الكيماوية و العلاج الإشعاعي الشديدة، فقد يستلزم الأمر للقضاء على الخلايا السرطانية، ( خصوصا عند أورام الدم و الأورام الليمفاوية، و بعض أنواع الأورام الصلبة )، إتباع برامج علاجية قوية، بجرعات مكثفة تؤدي إلى إحباط و تدمير النخاع نفسه، و من هنا تستهدف عمليات الزرع، استبدال خلايا المنشأ بالنخاع المُصاب بالسرطان، أو المٌحبط بالعلاجات، بخلايا سليمة و معافاة، قادرة على النمو و التكاثر و إنتاج خلايا الدم.

و المصادر الممكنة لاستخلاص خلايا المنشأ و استخدامها للزرع، تشمل النخاع العظمي و الدورة الدموية، سواء من المريض نفسه أو من متبرع، و تجرى الدراسات حديثاً لاستخلاصها من الحبل السُري للمواليد الجدد.

    و تنقسم عمليات الزرع إلى نوعين حسب مصدر خلايا المنشأ، الزرع الذاتي ( Autologous ) حيث تُستخلص هذه الخلايا من دم أو نخاع المريض نفسه، والزرع المُثلي أو السُلالي ( Allogeneic ) حيث تُجمع من دم أو نخاع متبرع، و يتم اختيار المتبرع المناسب عقب إجراء تحليل نسيجي خاص للدم، يُعرف بتحليل مستضدات الكريات البيضاء ( human leukocyte antigens HLA ) و يستهدف هذا التحليل، مطابقة الشفرات الوراثية لبروتينات المولدات المضادة، التي تنتجها كريات الدم البيضاء، و هي بروتينات خاصة بتمييز و مهاجمة الأجسام الغريبة المختلفة، مثل البكتيريا أو الفيروسات، و يعتمد نجاح الزراعة على مدى تطابق الأنسجة بين المتبرع و المتلقي، و التطابق المثالي هو الذي يجمع ستة فئات من هذه البروتينات، و المتبرع المثالي هو الشقيق التوأم المتماثل، يليه الأخوة الأشقاء، ثم أحد الوالدين، أو متبرع غير ذي قربى للمريض.

        و يعتبر النخاع المصدر الرئيسي لخلايا المنشأ، و عند استخدام الزرع الذاتي، يتم استخلاص كمية من نخاع الطفل، و تتم معالجتها للقضاء على أية خلايا سرطانية، ثم تحفظ تحت التجميد، و يتم إعطاء الطفل جرعات عالية من العقاقير الكيماوية، مع العلاج الإشعاعي أو بدونه، و ذلك لتدمير كامل النخاع المتبقي، و من ثم يُزرع النخاع المعالج، و عند استخدام الزرع المُثلي، يتم استخلاص كمية من نخاع المتبرع، بعد إجراء الفحوصات و التحاليل المختلفة؛ للتأكد من صحته العامة و خلوّه من الأمراض المُعدية، و يتم انتقاء و جمع خلايا المنشأ على حدة، و عقب انتهاء مراحل تهيئة المريض للزرع، بإعطائه جرعات عالية من العقاقير الكيماوية مع العلاج الإشعاعي أو بدونه بُغية إحباط الجهاز المناعي و لتدمير النخاع العظمي المصاب، يتم زرع خلايا المنشأ المنتقاة.

و يتم استخلاص خلايا المنشأ من الدورة الدموية و تُعرف في هذه الحال بالخلايا المُحيطية أو الدورية ( peripheral stem cells ) و كمياتها عادة غير كافية للجمع، و بالتالي يصبح استخدامها للزرع الذاتي عملياً، عند توفر إمكانية حث النخاع العظمي لدى المريض، على إفرازها داخل الدورة الدموية بكميات كافية للزرع، أما عند الزرع المُثلي، فيتم جمعها من الدورة الدموية للمتبرع؛ بتمرير الدم عبر آلة للتصفية، تقوم بفصل هذه الخلايا على حدة.

      و بطبيعة الحال تنطوي عمليات الزرع على تعقيدات و مضاعفات مختلفة، مثل صعوبة إيجاد المتبرع المطابق، و المضاعفات المصاحبة للعملية، و تأثيرات العلاجين الكيماوي و الإشعاعي، و مخاطر رفض الزرع، و فشل الخلايا المستزرعة في الاستقرار و التكاثر.

( يُرجى الانتقال لصفحة زرع نقى النخاع العظمي للإطلاع على المزيد من التفاصيل حول عمليات الزرع ).

 


 

 

 

 

حول مراحل المعالجات

 

العـناية الداعمـة

        من المعتاد أن يكون الأطفال المرضى في ظروف حرجة عند تشخيصهم باللوكيميا ( و أيضا أثناء تلقي المعالجات ) فالنقص في معدلات الكريات البيضاء الطبيعية قد يؤدي إلى التعرض لعدوى خطرة و مميتة، كما قد يتعرضون لنزف حاد نتيجة النقص في معدلات الصفائح الدموية، إضافة إلى مخاطر فقر الدم نتيجة النقص في معدلات الكريات الحمراء و التي من أخطرها حدوث انتكاس بالقلب نتيجة العوز للأكسجين المغذي لعضلاته، و من هنا تأتي ضرورة العناية الداعمة باستمرار، و التي تشمل تلقي المضادات الحيوية و الأدوية المساندة، و العقاقير المعروفة بمحفزات نمو مكونات الدم (  hematopoietic growth factors  )، و إجراء عمليات نقل الدم و مكوناته من صفائح دموية و كريات حمراء، و ذلك بُغية معالجة و تجنب بعض من هذه المخاطر.

 

الخطط العـلاجية

        تعتمد الخطط العلاجية على تصنيف الطفل ضمن فئات و مجموعات التشخيص سابقة الذكر، و خصوصا التصنيف حسب درجة الخطر، و مبدئيا يُعالج الطفل عادة بالخطط القياسية التي أثبتت فاعليتها.

        و بصفة عامة ثمة ثلاثة مراحل علاجية لهذا النوع من اللوكيميا، تبدأ بمرحلة تحقيق الاستقرار و إخماد الخلايا الورمية ثم مرحلة ترسيخ الاستقرار ثم مرحلة المحافظة و التي تستخدم عند حالات معينة فحسب.

مرحلة تحقيق الاستقرار أو الخلو ( Remission Induction )

        و تستهدف المعالجة في هذه المرحلة السعي لإخماد ما يمكن تسميته بفورة الخلايا السرطانية للوكيميا، باستخدام العلاج الكيماوي للقضاء على اكبر عدد ممكن منها و الدخول إلى طور الخلو من السرطان، إذ يكون بجسم المريض عند التشخيص ما يقرب من 1 تريليون خلية ورمية لوكيمية، و يلزم القضاء على 99 % من هذا العدد لإعتبار المرض في حالة استقرار و خمود، و مع ذلك يتبقى حوالي 10 بليون خلية ورمية يلزم القضاء عليها بدورها، و لهذا السبب يستدعي الأمر تلقي علاج مكثف سواء بهذه المرحلة أو مرحلة ترسيخ الاستقرار التالية، مما يستلزم الإقامة بالمستشفى، و دوام العناية الطبية على مدار الوقت تحسبا لأية تعقيدات قد تطرأ، و تعتبر هذه المرحلة ناجحة عند التأكد من انتهاء أعراض اللوكيميا و خلو عينات الدم و النخاع العظمي و السائل المخيّ الشوكي من الخلايا الورمية، و عودة النخاع العظمي إلى طبيعته، إضافة إلى عودة تعدادات الدم إلى المعدلات العادية.

    و تتم معالجة اللوكيميا النخاعية باستخدام توليفات مختلفة من العقاقير الكيماوية، و تشمل العقاقير شائعة الاستخدام عقاري دونومايسين ( daunomycin )، و سايتوزين ارابينوسايد ( cytosine arabinoside  ) المعروف بسـايتارابين ( cytarabine  )،  و أحيانا عقاري تايوجوانين ( 6 thioguanine ) و ايتوبوسايد ( etoposide  )، و يتم إعطاء عقار دونومايسين لمدة 3 أيام و عقار سايتارابين لمدة 7 أيام، و إن رأى الأطباء أن اللوكيميا قد لا تستجيب لهذين العقارين فحسب يتم عادة إضافة عقار ايتوبوسايد، و يتم تكرار المعالجة بهذه العقاقير كل أربعة أسابيع لحين رصد خلو النخاع من اللوكيميا، الأمر الذي يحدث عادة عقب دورتين إلى ثلاث دورات علاجية.

    و من المعتاد عند اغلب الحالات خلال هذه المرحلة استخدام الحقن الغِمدي، بحقن الأدوية مباشرة إلى السائل المُخّي الشوكي المُحيط بالحبل الشوكي و الدماغ، أو استخدام جرعات عالية من العلاج الكيماوي الجهازي، أو استخدام العلاج الإشعاعي، فيما يُعرف بعملية وقاية الجهاز العصبي المركزي ( CNS Prophylaxis )، بُغية القضاء على أية خلايا سرطانية قد تتواجد ضمن محيطه، أو لمنع انتشارها إلى الدماغ و الحبل الشوكي حتى و إن لم تُرصد فيهما، و قد يتم استخدام عقـار ميتوتـريكسات
(
methotrexate ) منفردا عند الحقن الغِمدي لحالات الخطر القياسي و المرتفع، أو استخدام توليفة مشتركة فيما يُعرف بالحقن الثلاثي (Triple intrathecal  ) بحقن توليفة من العقاقير ميتوتريكسات و هايدروكـورتيزون ( Hydrocortisone ) و سـايتارابين ، و من غير المعتاد استخدام العلاج الإشعاعي للدماغ، حيث تُعد نسبة الخطر لظهور اللوكيميا بالدماغ أو السائل الشوكي منخفضة عند الأطفال المرضى باللوكيميا النخاعية.

    و من ناحية أخرى، تختلف خطط معالجة اللوكيميا الحادة بالخلايا النخاعية الخديج ( Acute Promyelocytic Leukemia ) بالتصنيف ( M3 ) عن باقي المعالجات، و قد سميت كذلك حيث يقف نمو الخلايا اللوكيمية عند حد تتشابه فيه مع الخلايا النخاعية الخديج بالنخاع العظمي ( promyelocytes إحدى المراحل المبكرة لتطور الخلايا المتعادلة الطبيعية )، و لوحظ أنه عند جميع الحالات ينشأ التسرطن عند حدوث تبادل بالمواقع بين الصبغيين رقمي 15 و 17، مما يؤدي إلى اختلال بعمليات أيض فيتامين ( أ ) بأنوية الخلايا، و قد اكتشف العلماء أنه باستخدام حمض فيتامين ( أ )  المُعدل ( all- trans retinoic acid ATRA ) ، يمكن إصلاح هذا الاختلال و دفع الخـلايا الخديج المتسرطنة إلى النضج متحولة إلى خـلايا متعـادلة، و على الرغم من إمكانية تحقيق الاستقرار باستخدام هذا الحمض منفردا إلا أن استخدامه بالتوازي مع العقاقير الكيماوية يحقق أفضل النتائج، ( حيث تعود الخلايا اللوكيمية إلى النمو ثانية في وقت قصير )، و من المعتاد استخدام المضادات الحيوية ضدية الأورام من فئة الانتراسايكلين كخيار أول.

      و من التأثيرات الجانبية المسجلة عند استخدام هذا الحمض، نشوء العلّـة المعروفة بمتـلازمة حمض فيتامين ( أ )  ( retinoic acid syndrome ) و التي من أعراضها ظهور تعقيدات بالتنفس نتيجة تراكم السوائل بالرئتين، و انخفاض ضغط الدم إضافة إلى احتباس السوائل الحاد و تضرر الكليتين، و من المعتاد من جهة أخرى نشوء تعقيدات متعلقـة بتجلط الدم عند حالات هذا التصنيف، و تتم معالجتها تقليديا باستخدام العقاقير الكابحة لتخثر الدم ( anticoagulant ).

 

 

 

 

مرحلة الترسيخ و التثبيت ( Consolidation )

        و هي المرحلة التالية و المكثفة من العلاج الكيماوي و التي تبدأ مباشرة عقب تحقيق الاستقرار، و هي مهمة جدا إذ تستهدف القضاء على الخلايا السرطانية الكامنة و المتبقية، باستخدام جرعات متماثلة من نفس العقاقير المستخدمة سابقا أو بجرعات أعلى أو بإضافة عقاقير جديدة، و يتم عادة استخدام جرعات عالية من عقار سايتارابين ( Cytarabine ) و قد تتم إضافة عقـار دونـومايسين ( Daunomycin ) و ذلك في دورة أو دورتين من المعالجة المتصلة، كما قد تتم التوصية بإجراء عمليات زرع خلايا المنشأ عند بعض الحالات.

و من جهة أخرى تستمر عمليات وقاية الجهاز العصبي المركزي بهذه المرحلة، و استخدام الحقن الغِمدي عند البدء ثم كل شهر أو شهرين طوال فترة الترسيخ.

 

مرحلة المحـافظة ( Maintenance )

بخلاف المراحل العلاجية باللوكيميا الليمفاوية الحادة، لا يحتاج الأطفال المرضى باللوكيميا النخاعية الحادة إلى مرحلة المحافظة، باستثناء حالات لوكيميا الخلايا النخاعية الخديج بالتصنيف ( M3 )، حيث يستمر استخدام حمض فيتامين ( أ ) المُعدل ( ATRA ) لفترة تقارب السنة.

 

مرحلة الرجـوع أو التواتر ( Recurrent )

        كما سبقت الإشارة يعني تعبير الرجوع أو التواتر أن التسرطن اللوكيمي قد عـاد و ظهر عقب تحقيق الاستقرار و الخمود، أي بالمعنى المتداول حدوث انتكاس للمريض ( relapse )، كما يعني أيضا الفشل في تحقيق الخمود و الخلـو عقب تلقي العـلاجات، و تُعد المحصـلة لدى الأطفال عند حدوث الانتكاس، أو الفشل في تحقيق الاستقرار، ضعيفة بشكل عام، و قد تم استخدام عدة عقـاقير و بتوليفات مختلفة دون أن تحقق أي منها النجاح الكامل بشكل قياسي، و يبقى الأمل في تحقيق فترة استقرار أخرى ( الأمر الذي يحدث عند الكثير من الحالات ) و من ثم إجراء عمليات زرع النخاع العظمي أو خلايا المنشأ، و يوصى بعض الأطباء بإجراء عمليات الزرع دون انتظار تحقيق الاستقرار و الخلو، و قد أعطت هذه الطريقة نتائج جيدة عند بعض الحالات، و من ناحية أخرى توصي بعض المدارس الطبية بضرورة زرع خلايا المنشأ مباشرة عقب تحقيق الاستقرار و الخلو، بينما توصي اغلب المدارس بضرورة الزرع فور تحقيق الاستقرار الثاني، أي عند حدوث الانتكاس عقب نجاح مرحلة تحقيق الاستقرار الأولى و تلقي العلاجات مرة أخرى، و فور تحقيق الاستقرار ثانية.

     و تجدر الإشارة إلى أنه من المعتاد أن تظهر دلائل عودة اللوكيميا و الانتكاس خلال فترة تلقي المعالجات أو عقب ستة اشهر من انتهائها، بينما من غير المعتاد عند الحالات بفئة الخطر المرتفع ( سواء اللوكيميا الليمفاوية أو النخاعية ) حدوث الانتكاس و عودة السرطان إن لم تظهر دلائل و علامات المرض عقب مرور سنتين من توقف المعالجات.


 

 

 

 

عـقب انتهاء المعـالجات

 

        من الضروري إجراء فحوصات دورية شاملة تستمر لعدة سنوات عقب انتهاء المعالجات، بُغية تقصي أية علامات على عودة اللوكيميا إضافة إلى مراقبة المضاعفات و التأثيرات الجانبية للعلاجات المتلقاة، سواء الآنية أو المتأخرة و التي قد تظهر بعد سنوات ( يُرجى الانتقال لصفحة المضاعفات المتأخرة لعلاجات الأورام للإطلاع على تفاصيل أشمل )، و تشمل هذه الفحوصات إضافة إلى الفحص السريري الدقيق، التحاليل المخبرية و الفحوصات التصويرية المختلفة،  و يتم إجراؤها بجدولة زمنية تنازلية، حيث تتم شهريا خلال السنة الأولى من توقف المعالجات، ثم كل شهرين في السنة الثانية، ثم كل ثلاثة اشهر في السنة الثالثة، ثم كل ستة اشهر حتى السنة الخامسة، و بعدها تتم بمعدل مرة واحدة سنويا، و من المهم جدا بطبيعة الحال إخطار الفريق الطبي المعالج في الحال عن أية أعراض أو مضاعفات قد تظهر، ليتم اتخاذ الإجراءات الطبية اللازمة و تحقيق المعالجة الفعالة دون تأخير، سواء للمضاعفات العلاجية أو الانتكاس.

 

  


المراجع:

 

  • PDQ database. Bethesda, Md. National Cancer Institute; Childhood Acute Myeloid Leukemia  . 2004 http://www.cancer.gov/cancertopics/treatment/childhoodcancers

  • Nancy Keene, Childhood Leukemia: A Guide for Families, Friends, and Caregivers, 3rd Edition O'Reilly & Associates, Inc. 2002. Excerpts available at : http://www.patientcenters.com/leukemia/

  • The Leukemia & Lymphoma Society , Acute Myelogenous Leukemia,
    http://www.leukemia-lymphoma.org/all_page?item_id=8459

  • Aplenc R, Lange B. Acute myeloid leukemia in children. In: Kufe DW, Pollock RE, Weischselbaum RR, Bast RC, Gansler TS, Holland JF, Frei E, eds. Cancer Medicine. 6th ed. Hamilton, Ontario:.BC Decker Inc.: 2003.

  • Weinstein HJ, Tarbell NJ. Leukemias and lymphomas of childhood. In: DeVita VT, Heilman S, Rosenberg SA, eds. Cancer: Principles and Practice of Oncology. Philadelphia, Pa: Lippincott Williams & Wilkins 2001.

 


 

 

 

 

 

  آخر مراجعة : 17-02-2016 - بدون تعديل

 

( اللهم ربّ الناس، أذهب البأس، أشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاءاً لا يغادر سقماً )

 


 

الرئيسية حول سرطان الطفولة أنواع الأورام معالجات السرطان العناية الداعمة

 

مقالات الموقع متاحة للطبع أو النشر بدون تقييد 

Adam Childhood Cancer Society