Adam Childhood Cancer Society

حول سرطان الطفولة حول أنواع الأورام معالجات السرطان العناية الداعمة الرئيسية

عمليات زرع نُـقي النخاع العظمي

Bone marrow transplantation


 

 

 


 

النخـاع العظمـي ( Bone marrow ) و خلايا المنشأ ( Stem cells )

 

      النخاع العظمي هو النسيج الإسفنجي اللين، و المسمى بالنخاع الأحمر، و المتواجد داخل جزء العظام المعروف بالعظم الإسفنجي ، و الذي تتمثل وظيفته الأساسية في إنتاج خلايا الدم، و يتكون من خلايا متحولة ( تتحول إلى خلايا دموية أي مولدة لمكونات الدم hematopoietic cells )، و خلايا دهنية، و أنسجة تساعد على نمو خلايا الدم.


    و تسمى الخلايا المتحولة في بداية التكوين ( الأولية ) بالخلايا الأرومية أو خلايا المنشأ (
 Stem cells)، و هي تقوم بالانقسام الذاتي بشكل مستمر لتتكاثر، منتجة لخلايا منشأ جديدة، يبقى جزء منها على حاله كخلايا إنشائية مولدة تواصل التكاثر بينما يتوقف الجزء الآخر عن التكاثر و يمر بسلسلة من التحولات و الانقسامات التراكمية و مراحل تطور متعاقبة، لينضج متحولا إلى خلايا الدم المختلفة ( كريات الدم البيضاء و الحمراء و الصفائح الدموية )، و التي بدورها تواصل مراحل نموها و نضجها داخل النخاع قبل الانتقال إلى الدورة الدموية لتأدية وظائفها، ( و تواصل بعض من خلايا الكريات البيضاء المعروفة بالليمفاوية النمو الكامل بالغدد الليمفاوية و الطحال و الغدة الصعترية )، و يوجد النخاع العظمي في كل العظام تقريبا عند الأطفال الرُضّع، بينما و قبيل سن البلوغ، يتركز غالبا في العظام المسطحة، مثل عظم الجمجمة، و الأكتاف، و الضلوع، و عظام الحوض، و مفاصل الذراعين و الرجلين.

و تأتي الحاجة إلى إجراء عمليات زرع نُقى النخاع العظمي (Bone marrow transplant  أو زرع نُقى العظم ) و زرع خلايا المنشأ المولِدة ( Stem cells transplant ) حين يصبح النخاع العظمي عاجزا عن أداء وظائفه و إنتاج خلايا الدم ، سواء نتيجة تضرره بسبب من السرطان نفسه ( الذي يجعله إما منتجا لخلايا ورمية شاذة أو منتجا لأعداد ضئيلة من خلايا الدم )، أو جرّاء تأثيرات العقاقير الكيماوية و العلاج الإشعاعي الشديدة على النخاع، فقد يستلزم الأمر للقضاء على الخلايا السرطانية، خصوصا عند أورام الدم و الأورام الليمفاوية و بعض الأورام الصلبة، إتباع برامج علاجية قوية و بجرعات مكثفة تؤدي إلى تدمير و إحباط النخاع و فقده المقدرة على أداء وظائفه، و من هنا تستهدف عمليات الزرع استبدال خلايا المنشأ بالنخاع المصاب بالسرطان، أو المُحبط بالعلاجات، بخلايا سليمة و معافاة قادرة على النمو و التكاثر و إنتاج خلايا الدم.

      و تجدر الإشارة إلى أن عمليات الزرع أستخدمت بداية بصفة تجريبية لمعالجة الأشخاص ممن تعرضوا للإشعاع نتيجة حوادث نووية، و من ثم تبين أنها ناجعة في معالجة الأورام المختلفة، كما نشير إلى أن الزراعة عملية مكثفة و متعددة الجوانب و يطال تأثيرها كل أعضاء الجسم، و ذات تعقيدات كثيرة و مضاعفات و مخاطر عالية، فقد نفقد المريض رغم نجاح عملية الزرع بشكل تام، و التي تعتمد على عوامل متعددة، مثل عمر المريض و حالته الجسدية العامة و نوع الورم و مرحلته، و ليس ثمة ضمانات أو تكهنات عن النجاح أو الفشل، رغم ارتفاع معدلات نجاح الزرع خصوصا لدى الأطفال.

 

 

مصادر خلايا المنشا ( Stem cells )

تُجمع خلايا المنشأ من النخاع العظمي و من الدورة الدموية و حديثاً تُجمع من الحبل السُري للمواليد.

من النخـاع العـظمي

      يُعتبر النخاع العظمي المصدر الرئيسي لعمليات زرع خلايا المنشأ، و تسمى عملية استخلاص النخاع و جمعه بالحصاد أو الجَنـي ( Harvesting ) و تُجرى عادة تحت التخدير العام للمتبرع، الذي بدوره يخضع لجُملة من التحاليل و الفحوصات المخبرية، للتأكد من مستوى صحته العامة و على الأخص بطبيعة الحال التأكد من خلوّه من الأمراض المعدية، و خصوصا خلوّ الدم من الفيروسات المُعدية مثل فيروس الإيدز أو فيروس الالتهاب الكبدي، و يتم جمع حوالي لتر واحد من نقى النخاع العظمي مباشرة من عظم الورك باستخدام إبرة خاصة و تحت التعقيم التام، ( و بطبيعة الحال تتناسب الكمية التي يتم جمعها و حجم المريض المتلقي، إذ يحتاج البالغين إلى كمية اكبر مما يحتاجه الأطفال )، و لا تستغرق هذه العملية عادة أكثر من ساعة واحدة، و يقوم جسم المتبرع بتعويض الكمية المستخلصة بسرعة كبيرة نظرا لقلتها، كما أنه من المعتاد سحب وحدة من دم المتبرع قبل فترة أسبوع من العملية، و من ثم نقلها إليه عقب تبرعه لتعويض النقص، و يُغادر المتبرع المستشفى عادة في اليوم التالي، دون أية مضاعفات سوى الشعور ببعض الإرهاق المؤقت.

و عقب الجمع يتم إجراء عمليات فصل لمركبات الدم و شوائب العظام من النخاع، و من ثم يُحفظ في عبوات خاصة، و يتم انتقاء و جمع خلايا المنشأ على حدة، و تُحقن بدورها مع بعض الخلايا المنتقاة للمتلقي خلال فترة لا تتجاوز 24 ساعة، و الجدير بالذكر أنه يمكن حفظ النخاع لسنوات إن دعت الضرورة، و ذلك بوضعه في مواد حافظة خاصة و تجميده باستخدام النيتروجين السائل لإبقاء خلايا المنشأ حية، و يُستفاد من هذه الطريقة خصوصا حين يتم جمع النخاع من المريض نفسه، و ذلك باستخلاصه بين دورتي علاج عند تحقيق الاستقرار و الخلو من الخلايا المتسرطنة، ليتسنى إعادته إن حدث أي انتكاس مستقبلا.

 

من الدورة الدمـوية

        تتواجد بالدورة الدموية أعداد قليلة من خلايا المنشأ، و تسمى في هذه الحال بخلايا المنشأ المحيطية أو الدورية
(
peripheral stem cells ) و هي غير كافية للجنيّ عادة لدى المرضى، و يصبح استخدامها للزرع عمليا عند توفر إمكانية حثّ النخاع العظمي لدى المريض على إفرازها داخل الدورة الدموية بكميات كافية، و ثمة عدة طرق لذلك، منها استخدام محفزات النماء المساعدة ( Growth factors ) منفردة بحقنها تحت الجلد، أو بإضافة جرعة صغيرة من العقاقير الكيماوية.

   بينما عند جمع خلايا المنشأ الدورية من متبرعين، يتم جمعها من الدورة الدموية للمتبرع و ذلك بتمرير الدم عبر آلة تصفية خاصة تقوم بفصل هذه الخلايا عن خلايا الدم الأخرى، و تُعيد الدم إلى الدورة الدموية بنفس الوقت، و تستغرق هذه العملية عادة بين ساعة إلى ساعتين لجلستين متعاقبتين خلال يومين، و هي عملية آمنة و غير مؤلمة و لا تحتاج إلى تخدير، و دون أية مخاطر للعدوى حيث تستخدم جميع الأنابيب و التوصيلات لمرة واحدة فحسب.

و من جهة أخرى يقضى معظم المرضى عقب زراعة خلايا المنشأ الدورية وقتا أقل بالمستشفى، و تنخفض بينهم نسبة حدوث تعقيدات و مضاعفات الزرع، إذ أن تعدادات كريات الدم البيضاء و الصفائح الدموية تعود إلى الكمّ العادي بسرعة أكبر.

  

من الحبل السُري للمـواليد (Umbilical cord  )

      يحتوي الحبل السُري للمواليد على أعداد هائلة من خلايا المنشأ، و تجرى الدراسات الطبية بُغية استخدامها في عمليات الزرع، و من المؤمل أن تنخفض مخاطر مضاعفات الزرع أو حدوث الرفض حيث لم تتعرض مثل هذه الخلايا للمؤثرات الخارجية، و نشير إلى أن اغلب عمليات الزرع من هذا المصدر تم إجراؤها لأطفال أشقاء للمواليد المتبرعين، و لا تزال البحوث جارية لاستخدام هذا المصدر اللامتناهي لدى المرضى البالغين و للمرضى دون قرابة، مما قد يحل مشكلة إيجاد المتبرع المطابق.

  


 

 

 

 

اختيار المتبرع

      قد يكون المريض نفسه مصدر خلايا المنشأ، أو أحد أقربائه و عادة أحد أشقائه، أو متبرع غير ذي صلة قرابة، و يتم اختيار المتبرع المناسب عقب إجراء تحليل نسيجي خاص للدم، يُعرف بتحليل بروتينات السمة المغايرة للكريات البيضاء ( HLA - Human leukocyte antigen )، و يستهدف هذا التحليل مطابقة الشفرات الوراثية لبروتينات السمات الشخصية لكريات الدم البيضاء و التي تتواجد على سطوحها كسِمات تمييزية، و بالتالي تحديد مدى التفاعل المناعي الممكن حيالها، و يعتمد نجاح الزرع على مدى تطابق الأنسجة بين المتبرع و المتلقي، و التطابق المثالي هو الذي يجمع ستة فئات من هذه البروتينات، و تشترط معظم مراكز الزرع تطابق خمسة منها على الأقل، تحسبا للرفض المحتمل حدوثه سواء من الجسم تجاه الخلايا المزروعة، أو من هذه الخلايا التي قد تهاجم أنسجة الجسم باعتبارها غريبة عنها.

 


      

 أنواع عمليات الزرع

 

الزرع الـذاتي ( Autologous )

      يمكن استخدام النخاع العظمي أو خلايا المنشأ الدورية للمريض نفسه لدى بعض الحالات، و من الشروط الواجب توفرها هنا أن يكون تعداد خلايا المنشأ السليمة كافياً للزرع، و أن يكون المريض في حالة الاستقرار و الخلو من الخلايا الورمية بنسبة كبيرة، و تتم عمليات الزرع الذاتي بأن تُجني خلايا المنشأ و تُعالج بدقة للقضاء على الخلايا الورمية المتبقية بعملية تطهير كامل، و من ثم تُعاد للجسم، ( و في هذه الحال لا توجد مخاطر الرفض عملياً )، و تتم عمليات التطهير بإتباع إحدى طريقتين، إما باستخدام الأدوية و مضادات الجسيمات الغريبة ( أو الضِدّات antibodies ) الخاصة لعزل خلايا المنشأ و من ثم إعادتها مخصبة إلى الجسم و هي تُعرف بطريقة الانتقاء الإيجابي، أو باستخدام مضادات الجسيمات ضد الخلايا الورمية و إزالتها من النخاع المستخلص و من ثم تُعاد خلايا المنشأ إلى الجسم، و هذه تُعرف بطريقة الانتقاء السلبي، و قد ساعدت التطورات الحديثة في التحاليل و الفحوصات المخبرية، و التي يمكنها التحديد الدقيق للأعداد الضئيلة المتبقية من الخلايا السرطانية في الاستفادة القصوى من عملية التطهير.

 

الزرع المُـثلي أو زرع الأنساب ( Allogeneic ) :

      تسمى أنواع الزرع حيث يأتي النخاع من غير المريض أي من متبرعين بعمليات زرع مُثلي أو نَسَبي أو سُلالي، و يعتمد نجاح هذا الزرع على تطابق الأنسجة سالف الذكر، حيث تحمل جميع أنسجة الجسم شفرات وراثية تحدد لجهاز المناعة هوية النسيج أو الخلايا إن كانت ذاتية أو غريبة ( مثل البكتيريا )، و يقوم جهاز المناعة بمهاجمة خلايا المنشأ المزروعة و يرفضها ما لم تكن ذات نسيج مطابق كلياً أو جزئياً، كما قد يحدث العكس أي التفاعل المناعي للخلايا المزروعة ضد أنسجة جسم المتلقي.

        و يُعد الشقيق التؤام المتماثل متبرعا مثاليا، و إن كان زرع التوائم نادرا، و لا توجد أية مشاكل من ناحية التفاعل المناعي في مثل هذه الحال، و إن كان الزرع قد يفشل لأسباب أخرى بطبيعة الحال، و المتبرع الأفضل التالي هو الأخ الشقيق المطابق كلياً سواءاً كان ذكرا أم أنثى، و تبلغ نسبة الفرصة في وجود هذا المتبرع 1 : 4 عادة حسب متوسط حجم العائلات .

أما بالنسبة للمتبرع غير ذي القربى، فقد يتواجد متبرع ذو نسيج مطابق يحمل نفس الشفرات المطلوبة، أو قد يتم التغاضي عن عدم مطابقة بعض الشفرات عند الاضطرار لعدم وجود متبرع مطابق بشكل كامل، و نشير إلى وجود عدة بنوك للدم في العالم تقوم بتسجيل ملايين المتبرعين و تحتفظ بتحاليل الأنسجة الخاصة بهم بسجلاتها، مما يمكّن من إيجاد المتبرع المطابق غير ذي القربى عند عدم توفره بمحيط العائلة.

 


 

 

 

 

دواعـي الزرع

 

      تُعد معالجة الأورام المختلفة ( خصوصا أورام الدم غير المستجيبة للمعالجات القياسية ) الداعي الرئيسي لعمليات الزرع، إضافة إلى حدوث انتكاسات و عودة مثل هذه الأورام ثانية عقب نجاح المعالجات القياسية الأوليّة بفترات زمنية متفاوتة الأجل، و تعتمد الأهلية للزرع بالدرجة الأولى على المستوى الصحي العام للمريض، و الذي ينبغي أن يكون بمستوى قادر على تحمل الجرعات العالية من العقاقير المضادة للسرطان و العلاج الإشعاعي، و في هذا الصدد يُعد عمر المريض أحد العوامل المهمة، حيث تفوق معدلات نجاح الزرع لدى صغار السن بدرجة كبيرة مثيلتها لدى الكبار، و لهذا السبب تشترط بعض مراكز الزرع أن يكون المريض بالفئة العمرية ما دون الخمسين سنة لإجراء أية عملية زرع.

و نستعرض فيما يلي نبذة عن الأورام و أمراض الدم و الجهاز المناعي التي يستفيد علاجها بالزرع :

    عند اللوكيميا الحادة قد لا يستلزم الأمر إجراء الزرع للحالات التي أظهرت استجابة جيدة للمخططات العلاجية القياسية، و يتم الزرع بشكل محدود لدى القليل جداً من الأطفال بحالات اللوكيميا الليمفاوية الحادة من هذه الفئة، نظراً لإمكانية السيطرة على الورم بالعلاج الكيماوي منفردا، بينما قد تتم التوصية بالزرع لدى فئة الأطفال ذوي الاستجابة الضعيفة و لدى الكبار، عند الوصول لمرحلة الاستقرار و الخمود الكامل الأولى (  first complete remission ) التي يتحقق فيها خلوّ الدم و النخاع العظمي من الخلايا المتسرطنة، و من ناحية أخرى يوصى بالزرع عند حدوث الانتكاس لدى الأطفال أثناء تلقي دورات العلاج بشرط إعادة الاستقرار ثانية.

بينما لدى حالات اللوكيميا النخاعية الحادة ( Acute myeloid leukemia ) و التي تُصنف إلى ثلاث فئات تبعا لنمط الاستجابة للعلاج القياسي، فئة ذات تجاوب جيد أو قياسي أو ضعيف، فيمكن التكهن بمسار العلاج تبعاً لهذا التصنيف، حيث تتوفر لدى الحالات ذات التجاوب الجيد فرصة عالية في الشفاء بالعلاج القياسي و ليست مرشحة للزرع، بينما في اغلب الأحوال تترشح حالات التجاوب الضعيف ( و الذين عادة لا يحققون فترات استقرار طويلة )، أما حالات التجاوب القياسي فيصعب التكهن بمدى حاجتهم للزرع و يُتخذ القرار تبعا للعوامل الشخصية لكل حالة على حدة.

و من غير المعتاد أن يوصى بالزرع لدى حالات اللوكيميا المزمنة غير الشائعة لدى الأطفال، نظرا لتطورها البطيء، سوى عند حالات اللوكيميا النخاعية المزمنة غير المستجيبة للعلاج الكيماوي أو الحيوي لفترات طويلة، أو عند بعض حالات الطور المتسارع و الحاد من هذه اللوكيميا.

و من ناحية أخرى و لدى حالات العلل ذات العلاقة باللوكيميا، مثل التليّف النخاعي ( myelofibrosis )، أو علل سوء النمو النخاعي ( myelodysplastic syndromes )، فهي غير مرشحة للزرع، سوى لدى الحالات الحادة لفقر الدم اللاتنسجي و قلة الكريات ( aplastic anemia ) و التي حققت عمليات الزرع نتائج جيدة في معالجتها.

      و فيما يتعلق بحالات الأورام الليمفاوية، لا يُوصى بالزرع عادة عند أورام هودجكن، سوى للحالات المقاومة للمعالجات، و في هذه الحال يُوصى عادة بالزرع الذاتي نظرا لنتائجه المشجعة جدا، بينما لدى حالات الورم الليمفاوي اللاهودجكن فلا يوص عادة بالزرع الذاتي، و يفضل زرع خلايا المنشأ الذي حقق فترات استقرار طويلة دون بلوغ الشفاء التام.

      و لا تزال الدراسات السريرية جارية لتقييم فاعلية الزرع عند حالات الأورام الصلبة لدى الأطفال، خصوصا أورام جذيعات الشبكية بالعين ( Retinoblastoma )، و أورام الأوليات العصبية ( Neuroblastoma )، و قد يُوصي بالزرع في حالات الأورام الصلبة المُقاومة للعلاجات، و التي تستلزم علاجات مكثفة بجرعات عالية للسيطرة عليها، مثل الأورام الغرنية للعضلات المخططة  
(
Rhabdomyosarcoma ).


 

 

 

 

 

إجراءات عمـلية الزرع

 

التحاليل الأولـية

        قبل فترة أسبوعين إلى أربعة أسابيع من موعد الزرع، تُجرى للمريض تحاليل و فحوصات مخبرية مختلفة و شاملة لكل الجسم، و بصفة خاصة فحوصات القلب و الرئة و الكلى و الكبد إضافة إلى الفم و الأسنان، و يتم ترتيب خطة الزرع بناءا على نتائج هذه التحاليل، إضافة إلى تاريخ المرض و الدورات العلاجية المتلقاة، و بطبيعة الحال تستمر الفحوصات و التحاليل المختلفة و الشاملة، من تحاليل الدم و صور الأشعات و استكشاف النخاع العظمي و غيرها طوال فترة المعالجة، و من البديهي أن يتم عزل المريض في بيئة محمية بحجرة خاصة، مع اتخاذ كافة الإحتياطات اللازمة لعزله عن المحيط الخارجي، خصوصا احتياطات منع العدوى، فمثلا، يرتدي الأهل و الفريق الطبي الأقنعة عند دخول غرفة المريض، و يقومون بتعقيم أيديهم دائما، و يُمنع جلب الفواكه الطازجة أو الأزهار و ما إلى ذلك، و تُمنع زيارات الغرباء و خصوصا المصابين بأمراض مُعدية كالأنفلونزا مثلا.

 

زرع أداة القسطرة

        من الضروري قبل البدء بعملية الزرع إجراء جراحة لتركيب أداة قسطرة ( catheter ) بوريد رئيسي و عادة بمنطقة الصدر، للحاجة لاستخدامه في حقن الأدوية المختلفة و المضادات الحيوية و المركبات المساندة، إضافة إلى عملية الزرع نفسها، و لسحب عينات التحاليل طوال فترة المعالجة، و عادة تبقى أداة القسطرة مزروعة بموضعها لعدة أشهر، و يتم تعليم الأهل كيفية العناية بها عقب مغادرة المصحة، و تعقيمها تجنبا لنشوء الالتهابات أو العدوى من خلالها.

 

عملية التهيئـة ( Conditioning )

        يخضع المريض لعملية تهيئة مكثفة استعدادا للزرع، و تتوخى عمليات التهيئة هدفين، إحباط جهاز المناعة لتخفيض فرص حدوث الرفض للخلايا المزروعة، و المعالجة المكثفة للقضاء على أية خلايا ورمية متبقية لتقليص فرص عودة الورم لاحقا، و في الوقت ذاته تدمر عملية التهيئة خلايا النخاع السليمة، مما يترك مساحة للخلايا المزروعة لتحتل أماكنها الخاصة و اللازمة لها لتستكين و تنمو.

      و تتم عمليات التهيئة باستخدام جرعات عالية من عقاقير العلاج الكيماوي، إضافة إلى استخدام العلاج الإشعاعي لكامل الجسم ( Total - body irradiation ) أو بدونه، و ثمة عدة خطط علاجية قياسية متبعة في عمليات التهيئة، تتغير تبعا لأنواع الأورام و أنواع الزرع، و بصفة عامة يتم استخدام نظامي معالجة، إما باستخدام عقارين كيماويين معا، مثل عقاري سايكلوفوسفامايد  
(
Cyclophosphamide ) أو باسولفان ( Busulfan )، أو سايتارابين ( Cytarabine ) أو ايتوبوسايد ( Etoposide )، و إما باستخدام عقار واحد مع إشعاع كامل الجسم ، و لا يُعد استخدام العلاج الإشعاعي لكامل الجسم أساسيا لكل الحالات، و يتم بجرعات مختلفة حسب الحالة و بوتيرة تتغير من مخطط علاجي لآخر، و يتم غالبا في جلستيّ معالجة يوميا و لعدة أيام، و بجرعات صغيرة للتقليل من مخاطر المضاعفات و التأثيرات الجانبية.

 

 

 

 

عمـلية الـزرع

        يُعد زرع نقى النخاع أو خلايا المنشأ بسيطا في حد ذاته، إذ يشبه عمليات نقل الدم العادية، حيث يُحقن وريديا أو عبر أداة القسطرة، و تتم مراقبة المريض تحسبا لظهور أعراض الحساسية أو الطفح الجلدي، أو الحمّى أو انخفاض ضغط الدم، و لا يواجه المرضى عادة أية متاعب عند عملية الحقن.

    و ما أن تدخل خلايا المنشأ إلى الدورة الدموية حتى تأخذ طريقها إلى داخل النخاع العظمي و تستقر داخل الفراغات بالعظام ( الكبيرة خصوصا ) و تبدأ بتنظيم نفسها و تستكين لتباشر إنتاج خلايا الدم، و من المعتاد أن تبدأ تأثيرات عملية التهيئة و العقاقير الكيماوية في الظهور خلال اليوم الثاني أو الثالث من الزرع ( خصوصا تأثيرات إحباط النخاع العظمي ) الأمر الذي يستدعي إبقاء المريض تحت المراقبة الدقيقة.

و تسمي بداية الإنتاج بمرحلة التطعّـم ( Engraftment ) و تحدث غالبا خلال أسبوعين إلى ستة أسابيع عقب الزرع، و من المعتاد أن تحدد تحاليل تعداد الدم بداية إنتاج كريات الدم البيضاء و بعدها الصفائح الدموية ثم كريات الدم الحمراء، الأمر الذي سيؤكد نجاح عملية الزرع، و بطبيعة الحال يخضع المريض خلال هذه الفترة لمختلف التحاليل و الفحوصات المخبرية و التصويرية للتأكد من كفاءة الأعضاء الحيوية الرئيسية بالجسم، مثل القلب و الرئة و الكليتين، كما يتلقى المريض التغذية اللازمة وريديا للتأكد من الكفاية الغذائية.

  و من ناحية أخرى قد يستغرق التعافي الكامل فترات تتراوح بين السنة إلى السنتين، و يقوم الأطباء بإجراء التحاليل المختلفة للدم و إجراء عمليات استكشاف النخاع العظمي بشكل دوري لتقصي مدى كفاءة النخاع المزروع.

 

 

 

 

العـناية المركـزة

        تُعد العناية المركزة و عمليات إسناد الجسم من الأركان المهمة جدا في عمليات الزرع، و يتمثل هدفها الأساسي في إدارة المضاعفات و التأثيرات الجانبية المتعددة للجرعات العالية من العلاج الكيماوي أو الإشعاعي، سواء باتخاذ التدابير الخاصة بتجنبها أو تخفيض تأثيراتها أو معالجتها.

و تشمل هذه التأثيرات إحباط الجهاز المناعي، و فقر الدم، و سهولة النزف، بسبب من الانخفاض بمعدلات خلايا الدم المختلفة، إضافة إلى مضاعفات الفم، و مشاكل الغثيان و التقيؤ، و التعقيدات الغذائية و فقد الشهية، بسبب من حساسية الجهاز الهضمي، و أخيرا مشاكل القصور في وظائف الأعضاء الرئيسية مثل الرئة و الكبد و الكِلى و القلب بسبب تضررها.

      و يُعد إحباط جهاز المناعة أحد أهم المضاعفات الجديّة، حيث يفقد الجسم قدراته الدفاعية ضد أية عدوى، و تتمثل العناية المركزة في هذه الحال بوضع المريض في محيط محميّ جيدا و بمعزل تام عن التعرض لعوامل العدوى، و من ثم البدء بتناول المضادات الحيوية و مضادات العدوى الفيروسية، إضافة إلى مضادات الفطريات تحسبا لأية عدوى ممكنة، إضافة إلى العلاج المناعي و الذي يتمثل في القيام بفصل و جمع مضادات الجسيمات الغريبة  ( Antibodies ) من دم المتبرع ثم حقنـها للمريض في جهد إضافي لدعم المناعة، و تبدأ مثل هذه العناية من لحظة إحباط نخاع المريض و لحين التأكد من قدرة النخاع المزروع على إنتاج العدد الكافي من كريات الدم البيضاء.

    و في اغلب الأحوال يتم إعطاء محفزات النماء المساعدة (stimulating growth factors  ) ، و ذلك لتسريع التطعّم و بدء الإنتاج و لتخفيض مخاطر العدوى أو مخاطر فشل الزرع، كما يتم دعم الجسم بعمليات نقل للدم دوريا، لمعالجة فقر الدم و نقص الصفائح الدموية، ( عقب تعريض الدم المنقول لجرعات إشعاعية مما يدمر بصفة خاصة الخلايا الليمفاوية التي قد تهاجم خلايا جسم المريض ).

      و من ناحية أخرى، يُعد نظام التغذية من العوامل المهمة جدا في العناية المركزة، و من المعتاد استخدام التغذية غير المعوية لإعطاء المريض حاجاته الغذائية وريديا و بجرعات محسوبة، و ذلك لسببين رئيسيين : أولهما أن العلاج الكيماوي و الإشعاعي يسببان الغثيان و التقيؤ و التهابات الفم مما يجعل من عملية الأكل نفسها مؤلمة، و ثانيهما أن برنامج المعالجة يتطلب التوقف عن الأكل لفترة، و ذلك للسماح لأعضاء الجهاز الهضمي بالتعافي عقب تلقي جرعات عالية من العقاقير الكيماوية.

    و يقيم اغلب المرضى بالمصحة لفترة شهر إلى شهرين عقب الزرع لضرورة التأكد من نجاح العملية، و لمعالجة أية تعقيدات قد تظهر، و يسمح بمغادرة المرضى عادة عند تجاوز تعداد الخلايا المتعادلة بكريات الدم البيضاء لمعدل 500 في التعداد القياسي للدم، طوال يومين متعاقبين مع مراعاة العديد من العوامل الأخرى، مثل تعداد الكريات الحمراء و الصفائح الدموية و الخلـو من أية عدوى، إضافة إلى المستوى الصحي العام للمريض، و من المعتاد أن يحتاج المرضى إلى عمليات نقل دم دورية عقب المغادرة، مما يستدعي إبقاء أداة القسطرة بموضعها لفترات تتراوح بين ثلاثة إلى ستة اشهر، و بطبيعة الحال يتم إجراء فحوصات دورية على المرضى و بجدولة زمنية محددة، كما يتم فحص المريض يوميا عقب مغادرة المصحة و طوال الأسبوعين الأولين، ثم تُجرى الفحوصات أسبوعيا طوال الأشهر الأولى، للتأكد من قيام الجسم بإنتاج خلايا الدم بالمعدلات الطبيعية، إضافة إلى التقصي عن عدم نشوء أي تسرطن مجددا، و خصوصا باستكشاف النخاع العظمي دوريا لمراقبته.

 


 

 

 

 

مخاطر و مضاعفات عمليات الزرع

        يمكن تصنيف المخاطر و المضاعفات المتعلقة بعمليات الزرع إلى قسمين : المضاعفات المبكرة أو على المـدى القريب
و المتأخرة أو على المدى البعيد :

 

 المخاطر و المضاعفـات على المـدى القـريب

 

المضاعـفات البسيطة المبكرة

       يُعاني المرضى غالباً عدة تعقيدات و مضاعفات عقب الزرع، بعضها مؤقت و بسيط و بعضها يعتبر مهدداً للحياة، و تعتمد مدى خطورة المضاعفات الجديّة على عدة عوامل، مثل عمر المريض و حالته الصحية العامة قبل الزرع، و من المعتاد أن تظهر المضاعفات البسيطة و المؤقتة و الشائعة عند تلقي العلاجين الكيماوي و الإشعاعي و التي تتضمن تساقط الشعر، و الغثيان و التقيـؤ، و الإعياء و الإرهاق البدني، و فقد الشهية و القابلية للطعام، و التهابات الفم، و حساسية الجلد و البشرة.

    و تجدر الإشارة إلى وجود تأثيرات جانبية لبعض العقاقير المستخدمة لمعالجة المضاعفات المذكورة، و منها المشاكل المعوية، و ارتفاع ضغط الدم، و في بعض الحالات تظهر نوبات عصبية أو اختلال الرؤية مثلا، و كذلك الأمر مع محفزات النماء المساعدة التي بدورها تسبب مضاعفات جانبية تشمل الآم العظام و العضلات و الأعراض الشبيهة بالأنفلونزا، و نشير إلى أن مدى خطورة كل هذه التأثيرات يختلف من شخص لآخر.

 

 

 

 

عـلة المطعّـمات ضد المُضـيف ( Graft versus host disease )

        يقوم النخاع العظمي بإنتاج خلايا الجهاز المناعي و التي تتطور من خلايا المنشأ، و ذلك يعني أن خلايا الجهاز المناعي للمريض سيتم إنتاجها من خلايا المنشأ المُطعّمة من المتبرع، و في كل الأحوال، عدا الزرع من التوائم المتطابقة، يكون تطابق الأنسجة جزئيا و غير كلّي، مما يعني أن المخاطرة تكمن في احتمال مهاجمة الخلايا المناعية المُطعّمة المزروعة لخلايا و أنسجة جسم المريض باعتبارها أجساما غريبة.

     و تُعرف هذه الحالة بعلّة المُطعّمات ضد المُضيف (Graft versus host disease  ) و تعتبر حادة و مهددة للحياة إن حدثت و بدرجة كبيرة خلال المئة يوم الأولى عقب الزرع ، و تعتبر غير حادة إن حدثت بعد ذلك، و ينشأ التفاعل المناعي هذا حين تقوم الخلايا المناعية المزروعة، خصوصا الخلايا الليمفاوية التائية ( T lymphocytes )، بمعاينة خلايا المريض بحثاً عن الاختلافات بالمورثات و تهاجمها باعتبارها أجساما عدوّة إن وجدت اختلافات كبيرة، و هنا تكمن أهمية التحليل النسيجي للشفرات الوراثية المشار إليه سابقا لإيجاد المتبرع المطابق.

و من المعتاد أن تظهر العلامات الأولى الحادة براحتي اليدين و باطن الأقدام، من حساسية و حكاك و حرقة و احمرار، و من ثم تنتشر على كل الجلد و البشرة، و قد تظهر بعض البثور الصغيرة و التقشرات، و من الأعراض التي تلي ذلك نشوء الغثيان و التقيؤ و التشنجات المعوية و فقدان الشهية و الإسهال، و من ناحية أخرى يُعد اصفرار الجلد و الآلام المعوية دليل على تأثر الكبد الذي قد يتضخم بدوره، و قد تكون هذه الأعراض معتدلة الشدة أو قاسية و مهددة للحياة عند تشعّبها مما يصعب التحكم بها.

      أما في طورها غير الحاد أو المزمن ( Chronic ) و الذي يظهر عادة عقب الشهر الثالث من الزرع ( و قد لا يتطور حتى بعد مرور سنة )، يعاني اغلب المرضى من مشاكل بالجلد و البشرة، و تبدأ بالحساسية و الحكاك، و قد يصبح الجلد محرشفا و قاس و ذو لون داكن، و قد يصاحب ذلك تساقط الشعر، و قد يتعرض الفم و المريء للجفاف الحاد و الالتهاب و قد تنشأ التقرحات، ( و قد تتأثر الرئة أيضا نتيجة الجفاف )، كما قد يتضرر الكبد و يحدث إخفاق في أداء وظائفه، و يؤدي تدفق العصارة الصفراوية إلى الدم إلى نشوء اليرقان بدوره.

      و ثمة عدة عقاقير محبطة للجهاز المناعي يتم استخدامها لمنع نشوء هذه العلة أو للتخفيف من آثارها، منها عقار ميتوتركسات
(
Methotrexate ) و عقار سايكلوسبورين (  Cyclosporin )، و من المعتاد التحسب لشدة هذه العلة قبل المباشرة بالزرع و تخفيض حدتها باستخدام تقنيات تستهدف فصل أعداد كبيرة من الخلايا الليمفاوية التائية ( T lymphocytes ) من نخاع المتبرع، إذ تعتبر هذه الخلايا المؤثر الأول في نشوء هذه العلة، على الرغم من أن هذه الوسيلة تحمل أيضا خطر فشل الزرع و حدوث الانتكاس خصوصا لدى حالات اللوكيميا، و من ناحية أخرى يتم تناول المركبات الستيرويدية مثل عقار  بريدنيزون بُغية التخفيف من وطأة الأعراض.

 

 

 

 

مخاطر التقاط العـدوى

        كما سلفت الإشارة تستهدف المعالجات المكثفة إحباط الجهاز المناعي و تدمير الخلايا المتسرطنة قبل المباشرة بعمليات الزرع، و بطبيعة الحال تحمل عمليات إحباط كريات الدم البيضاء التي تتولى مقاومة و مكافحة العدوى، مخاطر كبيرة من التعرض لشتى أنواع العدوى، سواء أكانت بكتيرية أو فيروسية أو فطرية أو من الطفيليات المختلفة، و تتواجد هذه العضويات الدقيقة بوفرة علي الجلد و داخل الفم و الجهاز الهضمي بصفة رئيسية، كما تتواجد بطبيعة الحال في الهواء و في الأطعمة غير المطهية ( مثل الفواكه الطازجة و الخضروات )، و في الأحوال الطبيعية يقاوم الجسم بسهولة هذه العضويات و لا يتأثر بها حيث يعمل الجهاز المناعي بكفاءة عالية، و تكون أنسجة الجلد و الفم و الجهاز الهضمي في أوضاع سليمة، بينما يتعطل جهاز المناعة عند عمليات الزرع بشكل كلّي، لفترات تختلف من مريض لأخر، و تُعد هذه الفترات حرجة و من شبه المحتم أن يتعرض فيها الجسم للعدوى، الأمر الذي يستدعي اتخاذ أقصي الاحتياطات، بداية بالعزل و تعقيم محيط المرضى و تعقيم الأغذية، و انتهاءا بتلقي المضادات الحيوية و مضادات الميكروبات و الفطريات، و إجراء التحاليل الدورية في فترات متقاربة للكشف عن أية علامات للعدوى، و تستمر مثل هذه الإجراءات عادة لحين ظهور دلائل كافية على إعادة إنتاج كريات الدم البيضاء بمعدلات كافية.

و في النقاط التالية جملة من الاحتياطات التي تتخذ لمنع العدوى :

  • عزل المريض في حجرة منقاة التهوية.

  • تعقيم كل ما يصل إلى المريض و يتلامس معه.

  • منع الاتصال مع الزوار إلى أدنى حد.

  • ارتداء الأقنعة الواقية من قبل الفريق الطبي و الزوار و الأهل.

  • التدقيق في غسل الأيدي و تعقيمها من قِبل الفريق الطبي و الأهل.

  • التدقيق في نظافة و تعقيم موضع جهاز القسطرة المزروع.

  • عدم تقديم الفواكه و الخضروات أو السلطات غير المطهية و التي تحمل سطوحها البكتيريا أو الفطريات.

     و إضافة إلى ما سبق تتخذ الاحتياطات المعتادة لمنع العدوى عقب عودة المريض إلى البيت، بما في ذلك التقليل من الزيارات، و عدم ملامسة الحيوانات المنزلية أو الأزهار و الابتعاد عن التجمعات البشرية، و تجدر الإشارة بهذا الصدد إلى أن استخدام محفزات النماء المذكورة آنفا قد ساعد كثيرا في تقليص الزمن الحرج عقب الزرع و استعادة جهاز المناعة لمقدرته على إنتاج كريات الدم البيضاء. ( و يُرجى الانتقال لصفحة العلاج الكيماوي و تعداد خلايا الدم لمزيد من التفاصيل حول التعامل مع عوز الكريات البيضاء و العدوى ).

 

سهولة النـزف

       قد تسبب مشكلة سهولة النزف تعقيدات جدية، خصوصا خلال الشهر الأول، حيث و بطبيعة الحال تنخفض معدلات إنتاج الصفائح الدموية، و ينشأ النزف غالبا بالأغشية المخاطية بالأنف و الفم، و قد ينشأ تحت الجلد أو في أنسجة الجهاز الهضمي،  و تتم تقليديا عمليات نقل الصفائح عند ظهور أية علامات للنزف للمحافظة على تعداد الصفائح عند الحد المناسب لمنع نشوء النزف، و قد يتم التبرع بالصفائح من قبل نفس المتبرع المطابق للمريض.

 

فقـر الـدم

    من المحتم خلال عملية الزرع أن يعجز الجسم عن إنتاج الكمّ الكافي من كريات الدم الحمراء، و بالتالي نشوء فقر الدم، و تتم مراقبة تعدادها بشكل دوري، و تتم المعالجة تقليديا بعمليات نقل دورية للدم.

 

 

 

 

فشل التطعّـم

      يعتبر التطعيم أو الزرع في حالة إخفاق حين لا يستعيد النخاع العظمي دوره الكامل في أداء وظائفه عقب فترة الزرع الأولى، و يعود فشل الزرع إلى أحد سببين : 

  • نشوء حالة تُعرف برفض التطعّم، أي رفض جسم المتلقي للنخاع المزروع، و ذلك يظهر بصفة خاصة عند الزرع من متبرعين.

  • عدم حدوث التطعّم نفسه، أو حدوثه لفترة قصيرة دون أن يثبت و يستمر، و ينجم ذلك لفشل خلايا المنشأ المزروعة عن الاستكانة داخل أنسجة النخاع و عدم التمكن من التكاثر و النمو، و من ثم الفشل في إنتاج خلايا دموية جديدة، و قد يحدث ذلك في أي من أنواع الزرع.

    و ثمة جُملة من العوامل التي قد تساهم في نشوء هذا الرفض للزرع، من أهمها الاضطرار إلى استزراع نخاع من متبرع غير كامل المطابقة، كما يحدث الإخفاق غالبا لدى المرضى ممن لم يتلقوا الإشعاع الكامل للجسم ضمن برنامج التهيئة، حيث ما يزال الجهاز المناعي محتفظا ببعض نشاطه مما يؤدى إلى رفض التطعيم.

    و من ناحية أخرى قد لا ينجح التطعّـم نتيجة بعض الأمراض الفيروسية، أو نتيجة تأثير العقاقير المُحبطة للجهاز المناعي مثل عقار الميتوتريكسات ( Methotrexate )، و  قد لا يحدث التطعّم لدى حالات اللوكيميا نتيجة عودة نشوء الخلايا المتسرطنة، التي تمنع بدورها الخلايا المزروعة من النمو، و تجدر الإشارة إلى أنه في بعض الحالات لا يُعرف سبب محدد يمكن أن يؤدي إلى فشل الزرع.

 

مضاعفات على الأعضاء الحيـوية

        قد تتطور لدى المرضى مضاعفات و تعقيدات ببعض أعضاء الجسم الحيوية، خصوصا بالكبد و الكليتين و الرئة و القلب، و نظرا لتحمّل هذه الأعضاء الأساسية للعبء الأكبر و تعرضها لأضرار جدية عند الزرع، يتم التأكد من سلامة و كفاءة هذه الأعضاء قبل الإقدام على الزرع.

و ثمة عوامل عدة تساهم في نشوء أمراض و علل الكبد المختلفة، منها ما قد يسببه العلاجين الكيماوي و الإشعاعي من ترسبات تتليف داخل العروق الدقيقة، مما يسبب انسدادها مُعيقة بذلك تدفق الدم الخارج من الكبد، مما يؤدي إلى نشوء علة الإنسداد الوريدي
(
VOD venocclusive disease ) و إحتباس الكبد و التي تشمل أعراضها اصفرار الجلد و تضخم الكبد، و المغص و زيادة الوزن و القصور بوظائف الكبد، و من المخاطر أيضا نشوء التهاب الكبد الوبائي، و العدوى البكتيرية أو الناتجة عن الفطريات، إضافة إلى الضرر الواقع على الكبد نتيجة استخدام بعض عقاقير معالجة العدوى.

و فيما يتعلق بالكليتين، قد تتسبب المعالجات المختلفة عند بعض الحالات في حدوث القصور الكلوي، نتيجة استخدام العقاقير الكيماوية و العلاج الإشعاعي و المضادات الحيوية إضافة إلى محبطات الجهاز المناعي خصوصا عقار السيكلوسبورين، و من ثم حدوث الفشل الكلوي، و تنخفض معدلات إدرار البول و تتراكم المخلفات الحيوية بالدم، و يصبح الجسم عرضة للعدوى و النزف و التسمم الدوائي، و من المعتاد اتخاذ عدة تدابير عند نشوء القصور الكلوي، منها المراقبة الدقيقة لمعدلات سوائل الجسم، و تعديل نظام التغذية بما في ذلك التغذية غير المعوية، كما قد يتم تعديل الجرعات الدوائية، و قد يحتاج بعض المرضى إلى إجراء عمليات التنقية، و يتم عادة استخدام بعض الأدوية للتقليل من إمكانية نشوء القصور الكلوي.

و قد تنشا بعض المضاعفات بالرئتين مثل الالتهابات الرئوية و علة ذات الرئة ( و غالبا نتيجة نشوء العدوى )، إضافة إلى تأثيرات العلاجين الكيماوي و الإشعاعي التي قد تسبب أضرارا بالرئة، كما قد يعاني بعض المرضى من التليف الرئوي، و من المعتاد اتخاذ جملة من الإحتياطات لتجنب مثل هذه المضاعفات، منها تلقي المضادات الحيوية، و ارتداء دروع خاصة تغطي منطقة الصدر أثناء التعرض للإشعاع الكامل للجسم.

و من ناحية أخرى تؤثر بعض العقاقير الكيماوية و على الأخص عقار دوكسوروبيسين ( Doxorubicin ) على القلب، و تسبب بعض المضاعفات أو الاختلال في أداء وظائفه، و قد يكون ذلك بدرجة خطرة، و على أية حال، تعاني نسبة قليلة جدا من المرضى لدى عمليات الزرع من تعقيدات بالقلب.

 


 

 

 

 

المخاطر و المضاعفـات على المـدى البعـيد

 

إعتام عدسة العـين ( Cataracts )

        من المعتاد أن تظهر علة إعتام عدسة العين، أو كدر العين خلال فترة تتراوح من 3 إلى 6 سنوات عقب التعرض لإشعاع كامل الجسم، و يتطور الإعتام لدى حوالي 70 % من المرضى حيث يتضمن برنامج الزرع لديهم استخدام الإشعاع الكامل، بينما تنخفض النسبة إلى اقل من عشرين بالمئة لدى المرضى ممن يتلقون الإشعاع الجزئي، أو لا يتلقون أية معالجات إشعاعية، و تتم معالجة كدر العين تقليديا بجراحة تصحيحية لاستعادة الرؤية الطبيعية.

 

العـقــم

        يتسبب العلاجان الكيماوي و الإشعاعي غالبا بمشاكل و تعقيدات تتعلق بالأجهزة التناسلية سواء بشكل مؤقت أو دائم، و تعتمد شدة هذه المضاعفات على عمر المريض و جنسه و الجرعات المتلقاة و الفترة الزمنية للمعالجات، و تشير الإحصاءات الطبية إلى إصابة معظم الذكور ممن خضعوا لإشعاع كامل الجسم ( ضمن مخطط التهيئة للزرع ) بالعقم عقب العملية، عدا عن حالات قليلة تمكنت من الإنجاب بشكل طبيعي، أما لدى الإناث فغالبا تطرأ الإختلالات الطمثية عقب تناول جرعات عالية من العقاقير الكيماوية، و بالرغم من أن الطمث قد يعود إلى وتيرته العادية خلال سنتين من الزرع لدى الشابات، إلا أنه قد يطرأ توقف الطمث المبكر قبل السن الطبيعية لدى المريضات ممن تجاوزن الخامسة و العشرين، و قد تتم التوصية باستخدام المعالجات الهرمونية لتفادي ذلك، و بطبيعة الحال ينبغي للراغبات في الإنجاب استشارة الطبيب المختص عقب عملية الزرع، لما قد ينطوي عليه الحمل من مخاطر.

 

مشاكل النمـو الطبيـعي

        تشير بعض الدراسات إلى ظهور إعاقات بالنمو لدى بعض الأطفال المرضى حين تتم معالجتهم بإشعاع كامل الجسم، بسبب انخفاض معدلات إنتاج هرمونات النمو الطبيعية بالجسم، مما يؤثر بشكل مباشر على نمو العظام، و قد ينتج تأخر بالنمو يُقدر بحوالي السنتين، و قد يحتاج الأمر إلى المعالجة الهرمونية.

 

مخـاطر نشوء أورام ثانـوية

        لم تتمكن الدراسات الطبية بعد من تحديد كافة مضاعفات الزرع على المدى البعيد، نظرا لقرب العهد بمثل هذه العمليات و التي لم تبدأ سوى منذ عقود قليلة، غير أن المخاوف كثيرة من ازدياد مخاطر نشوء أورام ثانوية غير الأورام الأصلية التي تمت عمليات الزرع لأجلها، نتيجة استخدام الجرعات العالية من العلاجين الكيماوي و الإشعاعي، و العقاقير المُحبطة للجهاز المناعي و العقاقير المثبتة لنشاط خلايا المنشأ، أو نتيجة لعوامل غير محددة تماما و ذات علاقة بعمليات الزرع، و تشير الأبحاث إلى التباين الكبير في احتمالات تطور أورام ثانوية اعتمادا على عوامل عدة، أهمها عمر المريض و حالته الصحية العامة، و التاريخ المرضي و مدى التعرض للعلاج الإشعاعي و أنواع العقاقير الكيماوية المستخدمة و جرعاتها المتلقاة.

 


 

 

 

 

حول نظام التغـذية و الحميـة

       من المهم بصفة خاصة مراقبة تغذية المريض مراقبة تامة، و ينبغي أن تتكون الحمية الغذائية بصفة رئيسية من أغذية طازجة و مطهية تماما، و لا تحتوي على أية بهارات أو متبلات حريفة الطعم كالفلفل و خلافه، و من المقبول تناول الأطعمة الجاهزة المعقمة و المغلفة جيدا مثل الزبدة و الأجبان المعالجة أو البسكويت، و كذلك الخبز المحمص و ليس الطازج، و الفواكه المعلبة المفتوحة لتوها، أما اللحوم الباردة و السلطات المختلفة غير المطهية و الفواكه الطازجة فينبغي تجنبها، كما يمنع تماما تناول مياه الشرب العادية من الحنفية أو المياه المعدنية، و يتم تناول المياه المعقمة و موثوقة المصدر فحسب، و التي تستخدم أيضا في طهي أطعمة المريض أو تحضير المشروبات و ما إلى ذلك، و كذلك الحليب المعقم و يُراعى أن لا تكون العلبة قد فتحت منذ أكثر من يوم واحد و محفوظة بالثلاجة طوال الوقت، و قد يتم تخفيف القيود الغذائية عند انقضاء الستة اشهر الأولى، و التوسع بتناول المأكولات المختلفة تبعا لتقدم حالة المريض.

 

مغادرة المستشفى

        حسب النظم المتبعة لدى اغلب مراكز الزرع، يتعافى اغلب المرضى بشكل كاف يسمح بمغادرتهم للمستشفى خلال فترة ثلاثة إلى خمسة أسابيع، و تقليديا تتم التوصية بالمغادرة حين يقوم النخاع العظمي بإنتاج الكمّ الكافي من خلايا الدم السليمة و المعافاة تماما، و لا توجد أية مضاعفات لما بعد الزرع، و بطبيعة الحال تختلف فترة التعافي من مريض لآخر، و من المعتاد أن يشعر المرضى بالتحسن بشكل واضح عند عودة عمليات إنتاج خلايا الدم إلى الوضع الطبيعي، و تبدأ بعض الأعراض في التوقف، مثل التهابات الفم و الإسهال و الغثيان أو التقيؤ، كما تتوقف أعراض الحمّى و تتحسن الشهية إلى الطعام، و من الضروري بهذا الصدد التأكد من تعافي القابلية للأكل قبل المغادرة و حصول الجسم على كفايته من المغذيات و السوائل.

      و يواصل المريض النقاهة بالبيت، و يتم تزويد العائلة بالتوجيهات اللازمة لمواصلة العناية، مثل مراقبة الأعراض التي تستوجب العودة السريعة للمصحة من حمى أو إسهال أو أية الآم، و كذلك يتم توضيح جداول المراجعة الأسبوعية و الشهرية و ما إلى ذلك، و في أغلب الأحوال تستلزم فترة النقاهة من ستة اشهر إلى السنة حتى يعود إنتاج الدم إلى المعدلات الطبيعية،  و ينبغي خلال هذه الفترة منع المريض من التواجد بأماكن التجمعات مثل الأسواق و غيرها، أو الاحتكاك بمرضى آخرين يحملون أمراضا مُعدية مثل الأنفلونزا لتفادي التقاط العدوى، كما ينبغي منع الأطفال المرضى من الاختلاط بأطفال آخرين ممن تلقوا لتوهم تطعيمات بلقاحات حية، و تتخذ كافة الاحتياطات لتفادي حدوث الجروح أو التعرض المستمر لأشعة الشمس.

 


 

 

 

  

آخر مراجعة : 12-02-2016

( اللهم ربّ الناس، أذهب البأس، أشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاءاً لا يُغادر سقماً )

 


 

الرئيسية حول سرطان الطفولة أنواع الأورام معالجات السرطان العناية الداعمة

 

مقالات الموقع متاحة للطبع أو النشر بدون تقييد

Adam Childhood Cancer Society