حول الجمعـية

   تقول إحدى الأمهات :  ( هناك نوعان من الناس : الذين لامس السرطان حياتهم ، و أولئك الذين لا يعـرفون شيئا عن الموضوع )، و دعت أن تدخل الفئة الأولى الجنّة دون حساب ، و أن يُبعد الله سبحانه و تعالى الفئة الثانية عن معرفة السرطـان،  و نحن إذ نأمل أن تكون هذه الجمعية لكل الذين لامس السرطـان حياتهم أينما كانوا، نسـعى من خـلال هذه المـوقع لأن يتمكن المرضـى و الآباء و الأمهـات من التلاقـي، يتساندون و يتبادلـون الخبـرات و التجارب، و يدعم بعضهم البعض، و يتحدثون كيف شاءوا و هم يعلمون أن الآخرين يفهمـونهم و ينصتون، و يقول الجميـعُ للجميع .. لسـتم وحدكم .. نحن معا في مواجهة السرطـان .. و يتوجهـون خصوصـا للآبـاء و الأمهات الذين تعتصرهم الوحدة الخانقـة و قد اعتزلوا الناس أمام هذا المرض، و هم يشعرون بأنهم تُركوا وحدهم، يجاهدون في الليالي الطـويلة التي لا يأتي فجرها و قلوبهم واجفة قرب أسرّة أطفالهم، مرهقون و قد أضنتهم الدنيا، يقولـون لهم .. أبدا لستم وحـدكم، نحن معكـم .. نعرف ما تعيشـونه تمامـا، و نشعر كل الذي تشعـرون، و سنكون معا في جهـاد هذا المـرض، و لن نترككم وحدكم مهما طالت المحنة ، و لن ندع أحدا يهـون أو ييأس.

   و قد لا يفيد ضيوفنا الكرام أن نقول الكثير حول هذه الجمعية، أين تقـع أو عدد أعضائها، إلا أنه من المفيد أن ندعـوهم إلى إنشاء جمعيات مثلها في مـدنهم و مستشفـياتهم، فنحن جمعية تضمّ أهـالي أطفال مرضى بالسرطـان، نتعـاون و نتسـاند و نتضامن على معالجة الأطفال المرضى بكل ما نستطيع، و نسعى جهدنا أن لا ندع طفلا مريضا بالسرطان يُعاني بسبب من نقص المعرفة لدى الأهالي، مما يؤدي إلى حدوث أخطاء جسيمة، أو بسبب من نقص الأدوية أو التحاليل اللازمة أو الرعاية، مما يعجز الأهالي عن توفيره، أو يدفع إلى استخدام أدوية بديلة غير مدرجة بالخطط العـلاجية المقررة، أو بسبب من عدم توفـر الغـذاء اللازم و الضروري لمرضى السرطان، و حين تعجز الجمعية عن توفير ما هو مطـلوب،  لا يهدأ بالنا و لا نبرح حتى نجمع الصدقات و التبرعات، طارقين كل الأبـواب الممكنة، آخذين بمسؤولية كل الأطفال المرضى.

  و لا نظن أننا نبالغ حين نقول أنه ما من احد بمقدوره معالجة السرطـان بمفرده، و بدلا من حال كلُّ منفرد فيها بنفسه و على طريقته، و لا احد يسأل عن الآخر و لا يدري عن همومه، علينا مواجهته جميعا متكاتفين متعاونين، لا يحترق جوف أحدنا بمفرده و يمكن لآخر أن يُعينه، أو تدمع عين أم منزوية و قد ضاقت بها الدنيا، و لا يمدّ الآخرون يدا تمسح دمعتها، أو يقف أب أمام المساجد يسأل الناس، و لا يحرك الآباء الآخرون ساكنا، و نحن أشبه بمسافرين بمركب واحدة، إن ثار الموج تمايلوا جميعا، و قد يتفهم المرء قلة إدراك الناس لما تعنيه حقيقة مرض طفل بالسرطان بالنسبة لأبويه، أو لمدى عمق و حجم الأزمة، أو  مدى الجهد و كمّ المال الذي تتطلبه المسألة، إلا أن ذلك سيكون صعبا حين يتعلق الأمر بآباء و أمهات لأطفال مرضى بالسرطان، ينعـزلون بمعاناتهم و كأنما خلت الدنيا من الخير، أو لا يهتمـون لمن يعيش نفس أزمتهم أو أشدّ، و يخوضون التجربة كأنهم وحدهم من أصاب طفلهم السرطان، و لا يدركون أنه ما من أحد يحس معاناتهم و يعرف وطأة الأزمة مثل الذين يعيشـون نفس التجـربة، و هم الوحيدون الذين لن يتوقفوا عن تقديم العون لهم دون سؤال ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا و مهما طال الزمن، و هم الأحق بالمقابل بمعونتهم .

  و من ناحية أخرى، نسعى جهدنا في هذه الجمعية إلى تحصيل المعرفة حول هذا المرض و توفيرها للعموم، كي يكون الناس على بينة و لو قليلا من المسائل المتعلقة به، بما يجعلهم قادرين على التصرف إذا حدث ( لا قدر الله ) و أن اقترب منهم، و كي لا يتوانوا عن تقديم كل العون الممكن لإخوانهم ممن ابتلوا بهذا المرض.

   نسأل ضيوفنا الكرام أن يرفعوا معنا أيديهم بالدعاء لإخواننا المرضى و أبناء إخواننا، أن يمدّهم العليّ القدير سبحانه و تعالي بالشفاء التام و العون الدائم، و أن يقر أعينهم و يُجزل لهم الأجر و الثواب و يمنّ عليهم بحُسن الخاتمة.

إخوانكم بجمعية آدم
طرابلس - ليبيا